العدد 27 من مجلة لباب

77 |

والاجتماعيــة، والمطالــب التي يوجهها المجتمع إليه، ســواء كانت عامة أم خاصة. ويــؤدي تراكم هذه المطالب إلى دفع النظام نحو الاســتجابة، وهو ما يتطلب توافر ، أي تأييد الجماهير وولاءهم واستعدادهم لدعم النظام وتوظيف " المســاندة " عنصر طاقاتهم، ويُُعد هذا العنصر جزءًًا لا يتجزأ من المدخلات. ، وهي استجابة النظام السياسي لتلك المدخلات، عبر " عملية التحويل " تأتي بعد ذلك استيعابها داخل أبنيته، التشريعية والتنفيذية، ثم معالجتها وتحويل بعضها إلى قوانين ، وهي ما يصدر عن النظام السياســي " المخرجات " وقرارات وسياســات. ثم تأتي اســتجابة للمطالب، ســواء كانت استجابة فعلية، أو رمزية، أو حتى سلبية؛ فقد يُُلبي النظام بعض المطالب بالفعل، أو يســتخدم وســائل قمعية لردعها، أو يقدم وعودًًا التغذية " خطابية، أو يثير مشاعر الخوف من أخطار داخلية أو خارجية. وأخيرًًا، هناك ، وهي عملية تدفق المعلومات من المجتمع إلى النظام بشأن آثار السياسات " الراجعة والقوانين الصادرة؛ مما يُُسهم في تعديل أداء النظام وإعادة توجيه قراراته. والملاحظ أن جميــع هذه العمليات -المدخلات، والتحويل، والمخرجات، والتغذية الراجعة- تجري في سياق ثقافي معين تتفاعل فيه القيم السائدة للمجتمع مع ديناميات النظام .) 5 السياسي( في بناء هذا المنهج المركب للدراسة، " صناعة القرار " وفي هذا الإطار، يُُسهم منهج من خلال تركيزه على الفاعلين في العملية السياسية، سواء كانوا أفرادًًا أو مؤسسات. فصانع القرار السياسي لا يتحرك في فراغ، بل يتأثر بمجموعة من العوامل، من بينها خلفيته الاجتماعية، ومســتواه التعليمي، وخبراته، وعمره، ومعتقداته، وانتماءاته، بل وحتــى دوافعه النفســية. وهذه العناصر جميعها ترتبط بالثقافة السياســية للمجتمع، وتؤثــر فــي طبيعة القرارات المتخذة. ومن ثم، فإن فهم ســلوك صانع القرار ضمن ســياقه الثقافي يُُعد ضروريًًّا لتفســير العلاقة بين الثقافة السياســية ومخرجات النظام ). وهنا، تتجلى الحاجة إلى نظام سياســي يســتوعب هــذه المؤثرات، 6 السياســي( ويأخذها بعين الاعتبار، ليتمكن من الاستمرار والعمل بفاعلية وسلاسة. وخلاصة القول، إن المنهج المركب الذي تعتمده هذه الدراسة يقوم على تتبُُّع مسار ا ، عمل النظام السياسي ضمن بيئته الحاضنة، انطلاقًًا من أن النظام ليس كيانًًا معزولًا بل جزء من كُُل اجتماعي واقتصادي وثقافي متداخل. ولا يمكن الإحاطة بحقيقة هذا الجزء من دون دراسة السياقات المحيطة به، لاسيما منظومة القيم والثقافة السائدة التي

Made with FlippingBook Online newsletter