81 |
أما دراسة عزمي بشارة فتتميز بطرح مغاير لما انتهت إليه معظم الدراسات السابقة؛ إذ بدأ الباحث دراســته بتعريف الثقافة السياســية وظروف نشــأتها، بهدف التأسيس ا : أنه لا لمجموعة من القضايا الإشــكالية في هذا الحقل، أبرزها أربع مســائل: أولًا توجــد علاقة حتمية بين نوع نظام الحكم والثقافة السياســية فــي مجتمع ما. ثانيًًا: لا يمكن اشــتقاق الثقافة السياســية من الثقافة العامة للمجتمع. ثالثًًا: ثمة شــك في إمكانية استنتاج الممارسة السياسية من الثقافة السياسية بشكل مباشر. رابعًًا: أن الثقافة السياسية للنخب تمارس دورًًا لا يُُستهان به في مراحل الانتقال نحو الديمقراطية. كما ، مشددة على أنها تنشأ وتتطور في ظل " الثقافة المدنية " توقفت الدراسة عند مفهوم الديمقراطية، وأن دورها، من منظور بنائي-وظيفي، يتمثل في المحافظة على استقرار .) 15 النظام الديمقراطي( ومن خلال ما سبق، يتضح أن الدراسات السابقة تناولت بإسهاب العلاقة بين الثقافة السياســية والنظام السياســي، وأسهمت في تســليط الضوء على جوانب متعددة من هــذا الترابــط. ومع أهمية ما ط ُُرح في هذه الدراســات، إلا أنهــا لم تُُعالِِج بوضوح مسألة العامل الرابط بين الثقافة السياسية والنظام السياسي من حيث أثره في تحقيق الاستقرار. وهنا تبرز مساهمة هذه الدراسة، التي تسعى إلى سد هذه الثغرة المعرفية، ا لفهم شــروط بناء نظام من خلال بحث هذا العامل الرابط وتحديده، بوصفه مدخلًا سياسي مستقر وفعََّال. ثانيًًا: الثقافة والثقافة السياسية والنظام السياسي الثقافة تعني، في أكثر الاســتعمالات اللغوية، " ثقافة " تشــير المعاجم العربية إلى أن كلمة . غير أن " الحذق والفطنة، وســرعة أخذ العلم وفهمه، وتقويم المُُعوََج من الأشــياء " هذا المعنى، بمدلوله العام الشائع، يُُعد مستحدََثًًا ولا يتصل بالدلالة اللغوية الأصلية التــي وردت فــي المعاجم إلا تأويلا ومجــازًًا. ولذلك، فإن اســتخدام الكلمة في الســياقات الحديثة لا يســتقيم دائمًًا مع مدلولها الأصلي، وهو ما أشار إليه عدد من .) 16 الباحثين العرب باعتباره إشكالية دلالية ينبغي التوقف عندها(
Made with FlippingBook Online newsletter