| 82
، " الثقافة " ا للباحثين العرب عند تناولهم لمفهوم وغالبًًا ما تُُشك ِِّل هذه الملاحظة مدخلًا ؛ إذ يبيِِّن أن مصطلح " مشــكلة الثقافة " كما هي الحال عند مالك بن نبي في مؤلََّفه بالمعنى المتداول اليوم لم يكن مســتخدمًًا لا في العصر الجاهلي، ولا في " الثقافة " العصور الإسلامية اللاحقة، بما في ذلك العصران الأموي والعباســي، رغم ما بلغته .) 17 الثقافة العربية آنذاك من ازدهار معرفي وفكري( لم تكن حاضرة في فكر ابن خلدون، الذي " الثقافة " ويؤكــد مالــك بن نبي أن كلمة يُُعد المؤسس الأول لعلم الاجتماع في الحضارة الإسلامية، مشيرًًا إلى أن استعمال من اللغات Culture المصطلح في العصر الحديث جاء نتيجة ترجمة مباشرة لكلمة الأوروبية. ويرى أن هذا المفهوم، بصيغته العربية، لم يكتســب بعد الدرجة الكافية مــن التحديــد والدقة المفهومية التي تؤهله ليكون عََلََمًًا على مدلول واضح، وهو ما بالحروف اللاتينية، كما Culture دفــع العديد من الكتََّاب العرب إلى إقرانــه بكلمة ، بحســب " دعامة تشــد من أزرها في عالم المفاهيم " لو كانت تلك الإضافة بمنزلة بوصفها " الثقافة " تعبيره. ومن هنا، يصل مالك بن نبي إلى خلاصة مفادها أن فكرة مفهومًًا مركزيًًّا إنما هي فكرة حديثة، نُُقلت إلى العالم العربي من السياق الأوروبي. وهو يرى أن هذا المفهوم يُُعد من ثمار عصر النهضة، الذي شهد في أوروبا، خلال القرن السادس عشر، انبثاق حركة أدبية وفنية وفكرية واسعة النطاق شك ََّلت الخلفية .) 18 الأولى لنشوء المفهوم( وبالاســتناد إلى هذه الخلاصة، يرى بن نبي أن غالبية التعريفات الحديثة لمصطلح تعود فــي أصولها إلى الفكر الغربي، وتتقاطــع بوجه خاص مع التعريف " الثقافــة " " الثقافة البدائية " ) فــي كتابه المرجعي Edward Tylor الــذي وضعه إدوارد تايلور ( ذلك الكل " ؛ حيث عــرََّف الثقافة بأنها: 1871 )، الصــادر عام Primitive Culture ( المركََّب الذي يشمل المعرفة، والمعتقدات، والفن، والأخلاق، والقانون، والعادات، .) 19 ( " وكل القدرات والعادات الأخرى التي يكتســبها الإنسان كعضو في المجتمع بـ ِر هــذا التعريــف عن الرؤية التي تبنََّاهــا الفكر الغربي للثقافــة، والتي انتقلت � ويُُع لاحقًًا إلى ســائر أنحاء العالم، وأثََّرت في طريقة تلقي المفهوم في الفكرين العربي والإسلامي.
Made with FlippingBook Online newsletter