83 |
كمصطلح " ثقافة " ومن المهم الإشارة إلى أن هذا الحديث يقتصر على مدلول كلمة مفاهيمي، ولا يعني بأي حال من الأحوال أن الظاهرة الثقافية ذاتها نشأت في أوروبا. عـ ًا مجتمعيًًّا، وبلورة مفهومها مصطلح ًًا � فمالــك بــن نبي يميز بين حضور الثقافة واق تُُعد ثمرة طبيعية تنشأ في كل مجتمع، في " التثقيف التلقائي " نظريًًّا؛ إذ يرى أن ظاهرة ، " ثقافة إمبراطورية " أي مرحلة حضارية. ويضرب لذلك أمثلة بثقافة روما التي كانت ، مؤكدًًا أن هذه التجارب التاريخية لم " ثقافــة حاضرة " وثقافــة أثينا التي تمثََّلت في ، من دون أن تبلور مفهومًًا نظريًًّا يحدد " الحضور الثقافي " ا من تتجاوز كونها أشكالًا خصائص الثقافة أو يضع لها تعريفًًا منهجيًًّا. وينسحب ذلك، في رأيه، على الحواضر الإسلامية الكبرى، مثل دمشق وبغداد، التي شهدت مظاهر ثقافية غنية، دون أن ينتج .) 20 عنها مصطلح ثقافي محدََّد المعالم( وعلى هذا الأســاس، مضى ابن نبي في دراســة مفهوم الثقافة بأبعاده المختلفة، إلى أن توصــل إلى تعريف للثقافة في التاريخ ينســجم مــع جدليته العامة؛ حيث عرََّفها تلك الكتلة نفسها بما تتضمنه من عادات متجانسة، وعبقريات متقاربة، وتقاليد " بأنها: متكاملــة، وأذواق متناســبة، وعواطف متشــابهة. وبعبارة أخــرى: هي كل ما يُُعطي الحضارة سمتها الخاص، ويُُحدد قطبيها: من عقلية ابن خلدون، وروحانية الغزالي، .) 21 ( " ) Jeanne d ’ Arc )، وروحانية جان دارك ( Descartes أو عقلية ديكارت ( قـ ًا من هذا التصور، ســعى عــدد من المفكرين إلى تقديــم تعريفات خاصة � وانطلا ) أن الثقافة هي: Henry Laoust ا ، يرى هنري لاوســت ( بهــم لمفهوم الثقافة. فمثلًا مجموعــة الأفــكار والعادات الموروثة التي يتكون فيها مبدأ خلقي لأمة ما، ويؤمن " .) 22 ( " أصحابها بصحتها، وتنشــأ منهــا عقلية خاصة بتلك الأمة تمتاز عن ســواها ذخيرة " )؛ إذ يعرِِّف الثقافة بأنها: Ernest Barker ويؤكد الاتجاه نفسه آرنست باركر ( مشتركة لأمة من الأمم، تجم ََّعت لها وانتقلت من جيل إلى جيل خلال تاريخ طويل، ا عن الأفكار وتََغْْلِِب عليها، بوجه عام، عقيدة دينية تُُعد جزءًًا من تلك الذخيرة، فضلًا الثقافة هي مجموعة " ). كما يذهب عدد من الباحثين إلى أن 23 ( " والمشــاعر واللغة المعــارف والجوانــب الروحية الأصيلة من حياة الأمة، ممثلة فــي تعاليمها الدينية، .) 24 ( " وتقاليدها، وأدبها، وفنِِّها، وفلسفتها، وأنماط تفكيرها في الحياة والسلوك
Made with FlippingBook Online newsletter