العدد 27 من مجلة لباب

| 92

وفي ضوء ما توصلت إليه هذه الدراسة، تبرز الحاجة إلى عدد من الإجراءات التي من شــأنها تعزيز التوافق بين الثقافة السياســية والنظام السياســي وتحقيق الاستقرار المنشود، منها: تأسيس الأنظمة السياسية في المنطقة العربية على أسس ثقافية محلية، ا ًا تأخذ في الاعتبار القيم والتقاليد المجتمعية، بما يعزز الشرعية ويُُكسب النظام قبول شــعبيًًّا واسعًًا. وكذلك تعزيز المشاركة السياسية الفاعلة من قِِبل المواطنين، بوصفها ا جوهريًًّا في دعم الشــرعية، وتحقيق توازن صحي بين النظام السياســي وبيئته عامل ًا ا عن التركيز على بناء مؤسســات سياســية متجذرة في الســياقين، الاجتماعية؛ فضلًا الثقافي والتاريخي، للمجتمع، مع ضرورة أن تتميز هذه المؤسســات بمرونة تســمح لها بالتكيف مع التحولات الاجتماعية والاقتصادية. كما تقتضي هذه الإجراءات تشجيع الحوار الثقافي والسياسي بين النخب والجماهير، من أجل بناء توافق واســع حول قواعد النظام السياســي، بمــا يقلِِّل من احتمالات الاضطراب السياســي ويُُعزِِّز التماســك الوطني، إلى جانب الدعوة إلى المزيد من الدراســات التطبيقيــة التي تتناول ديناميكيات الثقافة السياســية فــي الدول العربية، خصوص ًًا في ســياق إعادة بناء الأنظمة السياسية بعد الثورات، بهدف رسم سياسات تستجيب للواقع الثقافي والاجتماعي. وبذلك، تُُبرز هذه الدراسة أهمية التوافق بين الثقافة السياسية والنظام السياسي بوصفه ا أساســيًًّا لتحقيق الاستقرار، والفاعلية، والاستدامة في النظم السياسية، وتُُؤكد مدخل ًا أن تجاهل هذا التوافق يُُفضي إلى هشاشة النظام السياسي، وتكرار الأزمات، وضعف القدرة على التماسك في وجه التحديات الداخلية والخارجية.

Made with FlippingBook Online newsletter