المقاربة المفاهيمیة للأمنفي إطار منظورات العلاقات الدولیة
مفهوم الأمن مثل المفاهیم الأخرى في مجال العلاقات الدولیة یتمیز بالغموض وغیــاب الإجماع بیــن الباحثین والمختصین حول تعریفه، ســواء لختلاف قراءاتهم للتحولت التي شــهدتها العلاقات الدولیة بعد الحرب العالمیة الثانیة، أو للتطورات الجدیدة في النظام الدولي الذي نشأ بعد الحرب الباردة. الأمر الذي أدى بدوره إلى تنامي النقاشات النظریة بشأنه واختلافها؛ حیث انقسمت إلى تصورین مختلفین، تصور ضیق وآخر واســع، ومع ذلك فقد أســهمت على تعددها واختلافها في تطویر البحث في مجال الدراسات الأمنیة. فمع نهایة الحرب الباردة، عرف مفهوم الأمن تحولً جذریّا، من حیث توســیع أبعاده لتتجاوز الجانب العســكري، واعتمــاد وحدات مرجعیة غیر الدولة لموضوعه، تماشیًا مع ظهور موجة تهدیدات جدیدة ومعقدة، أثّرت في مفهومه وأبعاده. أولً: في مفهوم "الأمن الوطني" اســتُخدم مصطلح الأمن الوطني بشكل رسمي، في نهایة الحرب العالمیة الثانیة مجلس الأمن الوطني " )، عندما أنشــأ الأميركیون هیئة رســمیة، سُــمیت 1947 (عام والتــي أُنیــط بها، بحث كل الأمــور والأحداث، التي تمــس كیان الأمة " الأميركــي الأميركیــة، وتهدد أمنها. وقد وضع ذلك الهتمام بالمســائل الأمنیة، الخطوة الأولى لهتمام السیاسیین من صانعي القرار السیاسي بالأمن الوطني، باعتباره ظاهرة سیاسیة تحلیلیة، یتحقق من خلالها، ما یســعون إلیه، أي یفســرون من خلالها، تلك الأعمال . ((( التي یرون ضرورة القیام بها، وإن كانت غیر عادلة (1) Thierry Balzacq, “ Qu’est ce que la sécurité ”, La revue internationale et stratégique,
9
Made with FlippingBook Online newsletter