نخيل الذاكرة
الثمــرة فاخــرة، وهنــاك ألغــاز تــدل على خــروج الســلة أي طلــع : ) 9 ( اللقــاح مــن الجــف في موســم الشــتاء مثــل
البــــــــــــرد هـب وكـــــــــــــل حــــــي تذرّّى وأشوف لي حي خرج من لحافه كب اللحاف وياك للبرد برّّا هذا كلام اللي تملّّى وشافه
في فصــل القيــظ، كانــت الــرحلات ضروريــة بسبــب ارتفــاع درجــات الحــرارة في المناطــق الســاحلية، فكان النــاس ينتقلــون إلى المناطــق الداخليــة كالأوديــة والجبــال، حيــث الطقــس ألطــف وكانــت الأســر تســتعد للرحلــة بجمــع . والماء والزراعــة متوافــرة التمروتحضيرالقهوة وحزم الأدوات الزراعية والصيد، كما يتم وخلال المقيظ، كان الأهالي . تأجيرالجمال من (الكريان) لنقلهم يســتعرضون فنونهــم الشــعبية المتنوعــة، وتتعــالى الأهازيــج مــن وكان صـوت (المنيـور . ـّّـرة بتراث الأجـداد واليـازرة قـرب الآبـار، مذك كمــا كان . ضي إلى الأذهــان � والدلــو والــثيران) يُُعيــد مشــاهد الما (البياديــر) يــرددون أهازيجهــم العفويــة أثنــاء العمــل في النخيــل، : ممزوجــة بصــوت النســيم والطيــور، تقــول الأهزوجــة
يا أحمد وين المِِس ََلّّي لي طاح وقت الد ّّوق لي تحته نستظلّّي لي من لفينا السوق
: )8( أمنيته بامتلاك النخل، كي يتعاهده ويسقيه، تقول الأهزوجة ياليت عندي نخل تسقى بغرّّافه
: )5( الدكتــور أحمــد أمين براحــة ديــرة وجمــال نخيلهــا في قولــه أتذكر ذاك الأمس مغنى لقائنا مساء ونور البدر في الأفق يشرق ضيء بأسلاك من النور بضة � ي )6( بأضوائها رمل البراحة يغرق وتنفحنا الأنسام من طيب نثرها عبي ار من النخل المثقل يعبق حنين الفلاح إلى غرافة سقي النخيل تصاحــب مراحــل الاهتمــام بالنخيــل في يرّّــه، وتهذيبــه وتحليقــه، وتعبئتــه، وطــرق حفظــه، وأوقــات بيعــه، فعاليــات، وأهازيــج، وألعــاب، وألغــاز، وأغــان لهــا مغــزى، وفرحــة ترددهــا الأجيــال، كشــفت لنــا عــن تربيــة أخلاقيــة راقيــة، وعبقريــة فــذة انتهجهــا جيـل اعتمـد على مـواد أوليـة، وسخـرمـا تنتجـه النخلـة من ليفها وجريدهــا وجذوعهــا وخوصهــا، لصنــع حاجاتــه الضروريــة وبنــاء ولا غــرو حين الشــاعر في الأهزوجــة الشــعبية، يطلــق . )7( المســكن
ينــادي الشــاعر هنــا «أحمــد»، وكأنــه يستنجــد بصديــق أو قريــب يســأل عــن «المِِــس ََلّّي»، وهــو نــوع مــن . يعــرف أصنــاف النخــل النخيــل، مشتهــر بجــودة ثمــار، يذكــر أن هــذا النــوع يكــون طيبــا عنــد ســقوط الرطــب في وقــت «الــدوق» أي الــنضج، ويــشير إلى أنـه نخيـل عظيـم كانـوا يتفيـؤون بظلـه، واشتهـر عنـد الذهـاب بـه هنـا . إلى السـوق لبيعـه، دلالـة على قيمتـه التجاريـة والاجتماعيـة . تختلــط صــورة الظــل والطمأنينــة مــع صــورة الربــح والفخــر تجسيد المرأة أمنيتها أن تكون نخلة دباسي لقــد كانــت الأهازيــج تنطلــق مــن الأفــواه في حديــث على لســان : المــرأة، تقــول الأهزوجــة يـــــا ليـتـنــــــــي دََبّّـــــــاســـي أثمـــر وأســـوي خــوص واكون ظل الغـــــالي لي في الغبيب يغوص
والقيظ لي من هدن واحمرّّت اََطرافه ناخذ خيار الرطب جارين بانصافه
في هــذه الأهزوجــة، يــعبّّر الشــاعر عــن أمنيتــه بامــتلاك نخيــل يُُسـقى «بغََرّّافة»، وهي أداة تقليدية للسـقي، في صورة تدل على و«القيظ» هوفصل . البساطة والمحبة للزراعة اليدوية الأصيلة الصيــف، لكنــه لا يظهــر هنــا كفصــل قــاس ٍٍ، بــل يرتبــط بهــدوء النفـس و«اخضـرار الأطـراف»، في دلالـة على وفـرة الثمـر وجمـال وفي الأبيات يصف الشاعرفرحته بحصاد «خيارالرطب . الأرض ِِــذ ْْج»، حيــث العــذق هــو عنقــود التمــر، والمخرافــة هي أداة والع لجمــع الرطــب، وكأن الشــاعر يعيــش لحظــة الرخــاء والســعادة . بعـد الحصـاد حين يترك النخـل بعـد تهذيبـه إلى الشـتاء، ويبـدأ طلعـه بالظهـور يأتــي دور جمــع اللقــاح، الــذي يســمونه البــار، ثــم عنــد اشــتداد البرد يتـم بـه تلقيـح ثمـر النخلـة بطريقـة ومعـايير موزونـة، لتكـون
103
102
2025 يوليو 309 / العدد
تجليات النخيل في ذاكرة الأهازيج الشعبية الإماراتية
Made with FlippingBook Annual report maker