كتاب غرب المتوسط

يبحث الكتاب معضلة الفراغ الاستراتيجي والتجزئة (1971- 2018)) فيما يقوم بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية من علاقات قبل إنشاء المجلس وبعد تأسيسه. كما يتناول مسارات التعاون والصراع في تلك العلاقات، وتطورها خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين، ومطلع الألفية الثالثة، وكذلك العوامل المحلية والإقليمية والدولية التي أثَّرت وتؤثر فيها سلبيًّا أو إيجابيًّا. ويسعى الكتاب لمؤلفه، الدكتور محمد صالح المسفر، بصفة عامة إلى محاولة فهم العلاقات الخليجية-الخليجية وتقييمها في إطار التداخل بينها وبين السياسات الإقليمية والدولية ودراسة اتجاهاتها والبحث في مصير الدول الخليجية.

عبد النور بن عنتر، المركب األمني لغرب المتوسط: ديناميات األمن والهجرات .) " دفاع 5 + 5" ( نشرت نسخته األصلية في فرنسا بعنوان المركب األمني لغرب المتوسط:

.) " دفاع 5 + 5" ديناميات األمن والهجرات ( 2021 جميع الحقوق محفوظة لدار الرماتان، www.harmattan.fr Copyright © L’Harmattan, 2021 www.harmattan.fr

Abdennour Benantar, Le complexe de sécurité de la Méditerranée occidentale Dynamiques de sécurité et migrations (« 5+5 défense »). Originally published in France under the title Le complexe de sécurité de la Méditerranée occidentale Dynamiques de sécurité et migrations (« 5+5 défense »)

Copyright © L’Harmattan, 2021 www.harmattan.fr

الناشر:

جميع الحقوق محفوظة

تأليف: عبد النور بن عنتر

ترجمة: عومرية سلطاني

هـ 1445 م- 2023 الطبعة العربية األولى: ديسمبر/كانون األول

____________________________________________________________ .......................................................................................................... ردمك: ____________________________________________________________

جميع الحقوق محفوظة

)974+( 4930218 - 4930183 - 4930181 هواتف:

9 ............................................................................. مقدمة الفصل األول مرَّكَب األمن اإلقليمي: التعريف، والتصنيف، والتحديد 41 . .......................................... المستوى اإلقليمي، اإلقليمية األمنية 46 . ............................. مفهوم مركَب األمن اإلقليمي: المنعطف البنائي 61 . ............................................ تصنيفات مركَبات األمن اإلقليمية 65 . ............................................. كيف نتعرف على مركَب األمن؟ الفصل الثاني مرَّكَب األمن (الشروط، األنماط، اآلثار الخارجية) والنظام اإلقليمي 75 . ................................... ما الظروف التي يتولّد فيها مركَب األمن؟ 78 . .................... هل يتوافق مركَب األمن مع النمط الصراعي بالضرورة؟ 83 . .............. مركَب األمن اإلقليمي: ماذا عن العوامل األخرى غير األمن؟ 87 . ................................... التراكب بعد الحرب الباردة: تطبيق متمايز تحليل مركَبـات األمن اإلقليمية من حيث اآلثار الخارجية ذات الــطابع 92 . ......................................................................... األمني 100 ................. فيم تختلف مركَبات األمن اإلقليمي عن النظم اإلقليمية ؟ الفصل الثالث عن فرادة اإلقليم الغرب متوسطي 109 ....................... التشكيلة األمنية في المتوسط: فرادة المتوسط الغربي 123 ......... من خطاب التهديد إلى الحوار والتعاون في مجال األمن اإلقليمي

5

135 ........................................... ماذا عن التهديدات في المتوسط؟ 142 ................. جدلية التوسيع/عودة التركيز: بناء اإلقليم الغرب متوسطي 145 ................................ الحضور الثابت للظاهرة (اإلقليمية) المغاربية الفصل الرابع المرَّكَب األمني الغرب متوسطي: اختالف في الطبيعة 151 ................. تطبيق مقاربة مركَبات األمن اإلقليمية على غرب المتوسط 154 ........... اختالف في الطبيعة – غرب المتوسط: مركَب أمني غير متجانس 161 . المركَب األمني الغرب متوسطي: منتمون/غير منتمين وليس صديق/عدو هـل البعد الـمجتمعي لألمن كاف للتأسيس لمركَب أمن إقليمي في 165 ..................................................................... المتوسط؟ المركَب الفرعي المغاربي: تباعد عن المركَب الشرق أوسطي والتحام 168 ................................ هل هو عامل الهجرة؟ – بالمركَب األوروبي المركّب األمني، والمنظومة األمنية، والجماعة األمنية: أ ُّي نماذَج لألمن في 171 ..................................................................... المتوسط؟ الفصل الخامس : بناء إقليمية غرب متوسطية 5 + 5 مجموعة 189 ............................ : تعبير عن إقليمية غرب متوسطية 5 + 5 مجموعة 192 ............................. : توجّه أمني صريح 5 + 5 إعادة إطالق مجموعة 198 ............................................ 5 + 5 المبادئ المؤسِسة لمجموعة 200 .................................................................. تنويع قطاعي 202 ................................... نفسها وموقعها؟ 5 + 5 كيف ترى مجموعة 204 ................. التموقع واالسهام في المستوى اإلقليمي: آلية لها حدودها 208 ................................................................ منعطف الهجرة

6

الفصل السادس دفاع بصفتها آلية أمنية غرب متوسطية: إسهاماتها وحدودها 5 + 5 مبادرة 215 ............................................. دفاع: آلية أمنية أورومغاربية 5 + 5 220 ........................................................... تعاون متنوع ووطيد دفاع والمركز األورومغاربي للبحوث 5 + 5 مكوّن التدريب والبحث: كلية 225 ...................................................... والدراسات االستراتيجية 227 ............................................... منظار الهجرة والمناولة األمنية 231 ................................... تأثير محدود، والتماثل بنيو ّ، وازدواجية 238 ............................ سياق إقليمي غير مستقر/تنافسي وحدود متأصّلة االتحاد األوروبي ومركَب األمن اإلقليمي الغرب متوسطي: نوع جديد من 241 ........................................................................ التراكب 250 .......................................................................... خاتمة 255 ....................................................................... المراجع

7

مقدمة يتبدّى البحر المتوســط مثل خط يصل ويفصل، في آن واحد، بين مركَبَين . وتتسم تشكيلته اإلقليمية ((( أمنيَين إقليميَين أحدهما أوروبي واآلخر شرق أوسطي غير المتجانســة والمتعددة بالفرادة؛ إذ الدول في ضفته الشــمالية المندمجة من ؛ في حين تشكو ضفته ((( الناحية االستراتيجية والمتكاملة من الناحية االقتصادية الجنوبية التشظي؛ حيث تتصرف دولها المنقسمة على نفسها على نحو انفراد وسط بيئة إقليمية غير مستقرة. وفيما لم تعد الحرب ممكنة التصور شماًلا، في فضاء االتحاد األوروبي وحلف شمالي األطلسي الذ يشكل جماعة أمنية، فإن . ((( الحرب في الجنوب، ال سيما في الشرق األدنى، ال تزال ممكنةً، بل ومتواترة عن مركبَي األمن اإلقليمي المذكورَين يراجَع: ((( Barry Buzan and Ole Wæver, Regions and Powers: the Structure of International Security, (Cambridge: Cambridge University Press, 2003), p. 185-215, 254-260, 343-439. لم يحُل هذا التكامل الذ بلغه االتحاد األوروبي من أن يُقدَم بوصفه نموذجًا يعاني أزمة، ال سيما ((( بعد البريكسيت، يراجَع: Benjamin Martill and Uta Staigner (eds.), Brexit and Beyond: Rethinking the Future of Europe (London: UCL Press, 2018); Philippe Huberdeau, La construction européenne est-elle irréversible ?, Paris, La Documentation française, 2017 ; Zaki Laïdi, Le reflux de l’Europe (Paris: Presses de Sciences Po, 2013). (3) Abdennour Benantar, « Quelle architecture de sécurité pour la Méditerranée ? », Critique internationale, 69, 2015, p. 133. ال تصلح هذه الملحوظة للتطبيق في القارة األوروبية بكاملها، على النحو الذ أثبتتْه حروب البلقان (مثل يوغوسالفيا ثم كوسوفو) واألزمة األوكرانية األخيرة (حين ضمت روسيا شبه جزيرة القرم، والصراع في إقليم دونباس)ـ يُنظر في هذا الصدد: Nicolas Mazzucchi, « Les enjeux énergétiques de l’annexion de la Crimée », Les Champs de Mars, 29, 2017, p. 205-213 ; Philippe Lefort, « La crise ukrainienne ou le malentendu européen », Politique étrangère, 2, 2014, p. 109- 121 ; Josip Glaurdić , The Hour of Europe: Western Powers and the Breakup of Yugoslavia (New Haven: Yale University Press, 2011); Pierre Hassner, La terreur et l’empire : la Violence et la paix II (Paris: Éditions du Seuil, 2003); Jacques Rupnik, « Recomposition guerrière dans les Balkans et construction d’États-nations homogènes », in Pierre Hassner et Roland Marchal (dir.), Guerres et sociétés : États et violence après la guerre froide (Paris: Karthala, 2003), p. 403-432.

9

وهي تشــكيلة تتسم بالتعدد أيضًا بســبب عدد من المجموعات الفرعية القائمة هناك (المغرب)، تملك كل منها دينامياتها األمنية الخاصة وخصوصياتها المحلية التي تميزها من البقية. لذلك فإن إشــكالية األمن في المتوســط تطرح بأشكال مختلفة ولها درجات شديدة التباين، تبعًا للمشكالت ذات الطبيعة دون اإلقليمية التــي تخص مجموعاتها الفرعية، ومن ثــم تتفرع إلى ديناميات متعددة، إقليمية ودون إقليمية. لكن هذا التمايز العام بين شمال المتوسط وجنوبه، وحتى ضمن الجنوب نفسه، ال يسعه أن يحجب دينامية فريدة تجر ما بين الشمال والجنوب، ؛ 5 + 5 في غرب المتوسط في هذه الحالة؛ وأعني بها الفضاء اإلقليمي لمجموعة موضوع هذا الكتاب. للنظــر في هــذه الخصائص عن كثب، ومراعــاة للديناميات التي تتداخل وتتفاعل فيما بينها في منطقة المتوســط، يتبنّى هذا الكتاب مســعًى نظريًا يعتمد ؛ تلــك التي تتوخّى تكييف " المعدّلة " علــى مقاربة المركَبــات األمنية اإلقليمية هذه األخيرة لتالئم الســياق اإلقليمي لغرب المتوســط. والمقصود هو محاولة اإلحاطــة بالرهانات األمنية التي تترابط في هذا اإلقليم، بحيث يســمح لنا هذا س ـ ِم إقليم غرب المتوسط (الجزائر، � المنظور النظر بفهم أفضل للفرادة التي ت إســبانيا، فرنســا، إيطاليا، ليبيا، مالطا، المغرب، موريتانيا، البرتغال، تونس)؛ أ . 5 + 5 فضاء مجموعة ينهض مســعانا البحثي على فهم إقليم غرب المتوسط بوصفه مركب أمن ؛ في ســياق يتميز بأمننة قضايا الهجرة والحدود وتفويض إدارتهما إلى (((ٍ أقليمي . ويمكننا صياغة اإلشــكالية في ضوء التأمالت التي ســنأتي ((( فواعــل خارجية من اآلن فصاعدًا، سنســتخدم مفردات المركَب/المركّبــات، والمركَب األمني/المركَبات األمنية ((( فــي بعــض المواضع، اختصارًا لعبارة مركَب(ات) األمن اإلقليمية، بحســب ما تقتضيه سالمة التراكيب والسياقات. (المترجم) sous - مفهومًا آخر يستخدمه المؤلف في كتاباته باللغة الفرنسية؛ هو externalisation يشبه مصطلح ((( أو المناولة. لنتذكر أن المناولة األمنية تتعلق بإسناد مهمات محددة إلى طرف ثان بفعل الرغبة traitance فــي فك االرتباط مع ســياق أمني معين كان يثقل كاهــل الطرف األول. وهي مهمات مكتملة على نحو مــا تــؤول إلى أن يتولى الطرف األول مواجهة مصــادر التهديد داخل أراضيه وتولي زمام أمنه الخاص.

10

على ذكرها، على النحو اآلتي: بأ صورة يشــكل غرب المتوســط مركَبا أمنيًا وكيف يمكن أن تشكل أمننة قضايا الهجرة والحدود وتفويض االتحاد األوروبي إدارتها للمغرب العربي األساس الذ يقوم عليه؟ تتفرع هذه إشكالية إلى عدة أسئلة كما يأتي: كيف يُبنى غرب المتوسط بوصفه فضاء أمنيًا أورومغاربيًا؟ ماذا عن قدرة أعضاء المركَب األمني اإلقليمي الغرب متوســطي واستعدادهم لتنمية االستقاللية الذاتية عن االتحاد األوروبي؟ ما هي معوقات عملية األمن اإلقليمي الغرب متوسطي؟ لإلجابة على هذه األسئلة، تنطلق التأمالت في هذا الكتاب من فرضيتَين: أو ًلا ، يشــكل غرب المتوسط مركَبا أمنيًا غير متجانس تختلف طبيعته عن المركَبات األمنية األخرى، ويتسم بعملية أمننة مزدوجة للهجرة؛ ثانيًا، يحد ) الهجرة مــن تطور مركب األمن اإلقليمي الغرب متوســطي prisme منظــار ( منشؤه االتحاد األوروبي. ((( ويعرّضه، بالنتيجة، الختراق أو تراكب أكبر بـ ّق هذا الكتاب، إذًا، مفهــوم مركَب األمن اإلقليمي على الفضاء الذ � يط . فبالنظر لحالة التشــظي 5 + 5 يمثلــه غرب المتوســط، ونقصــد به مجموعــة االســتراتيجي فيه، ال يمكن لتطبيق األطر النظرية القائمة إال أن يكون متمايزاً. إذ تنطبق المســلمات النيوليبرالية على الضفة الشمالية (أ االتحاد األوروبي)، وجزئيًا في حالة جوانب معينة من العالقات األورومتوسطية، في حين يتعارض لالطالع علــى تحليــل وافر عن المناولة يراجَع: عبد النور بن عنتر، المبادرات المنية في منطقة المغرب العربي والســاحل: مجموعة دول الســاحل الخمس على المحك، ترجمة عومرية ســلطاني (الدوحة/ ). أما في حالة تفويض اإلدارة إلى فاعلين 2022 بيروت: المركز العربي لألبحاث ودراســة السياســات، فــي الخــار ، فاألمر متعلق بالقضية أكثر مما يتعلق بالفواعــل، وبإدارة المهمات ال تولّيها بالجملة. في هذه الحالة يُفوض الطرف األول إدارة قضية ما إلى الطرف الثاني بسبب طبيعة القضية نفسها من حيث حجم التأثير الناتج منها ومداه وطبيعة السياســات/التدابير المحتملة لمواجهتها. في حالة الهجرة يعني األمــر تفويــض الدول المغاربية البحث عن الحلول المحتملة لتدفقات المهاجرين إلى أوروبا، القادمين إليها من إفريقيا وبؤر الصراع، وتطبيقها، بحيث تتحمل عبء ذلك بدل أوروبا. أ أن هذه الدول يُطلب منها، من داخل أراضيها/مجتمعاتها/سياســاتها، أن تحل مشــكلة الهجرة التي تعانيها دول أوروبا داخل أراضيها/مجتمعاتها/سياســاتها. وتلــك إحدى تداعيــات أمننة الهجرة. ثمة من يدعو هذه العملية المنع من الخار . (المترجم). ُيُنظر الفصل الثاني من هذا الكتاب. (((

11

تطبيقها على العالقات في جنوب المتوسط بسبب النمط الواقعي المهيمن هناك. وإنه لَيصعب تجاوز الخطوط الفاصلة بين شــمال المتوســط وجنوبه من دون المجازفة بإخضاع اإلقليم لتصورات نظرية معدّة ســلفًا. لكن بعض المقاربات، مثل تلك الخاصة بالمركَب األمني اإلقليمي، تبدو ممكنة التطبيق سواء في البعد األفقي أم الرأسي. وبمجرد أن ندخل بعض التعديالت على هذه المقاربة يمكننا حينها فهم الخصوصيات التي يتفرّد بها إقليم غرب المتوسط، وأن نختبر أطرنا النظرية وشبكاتنا التحليلية. وقبل أن نقدّم اإلطار النظر بإيجاز، مثلما سنفحصه في الفصلَين األولَين، من المالئم، خطوة أولى، الوقوف عند مفهوم اإلقليم ثم نعيّن بعدها إقليم غرب المتوسط. ثمة جدل يحيط بفكرة اإلقليمية، ال ســيما مســألة ما الذ يشكِل اإلقليم؛ وكيف يجر تصوره من الناحية المفهومية؛ وما تعنيه اإلقليمية. ويكمن أساس هذا الجدل في المرونة المتأصّلة في المفهوم وطبيعته التطورية؛ ما يفســر تعدد . يقول أندرو هوريل إن اإلقليم ((( المقاربــات المتعلقة بفهــم العمليات اإلقليمية الطبيعة المتنازع " . وتتحدث لويز فاوسيت عن ((( " مصطلحان غامضان " واإلقليمية . ويذكرنا ذلــك بصيغة غالي المعروفة عن ((( لمفهوم اإلقليمية " عليهــا والمرنــة ؛ ما يعني أن هذا المجال من البحث محل ((( " المفاهيم المتنازع بشأن جوهرها " خالف ولم يفض فيه نقاش التعريفات ســوى إلى إجماع محدود. وعلى الرغم من أن القرب الجغرافي ال يســاعد بالقدر الكافي في تعيين اإلقليم وديناميات من دون حدود " اإلقليميــة، إال أنــه يظل، وفقًا لهوريل، معيارًا أساســيًا، ألنــه . وهو ((( " مشتتًا ومستعصيًا على التحكُم ) جغرافية معينة يصير مصطلح (اإلقليمية . ويقول محمد أيوب ((( في هذه الفكرة يتشارك النتيجة نفسها مع وليم تومبسون (1) Louise Fawcett, «The History and Concept of Regionalism», Conference Paper, 4, 2012 p.4 – https://papers.ssrn.com/sol3/papers.cfm?abstract_id=2193746 [consulté le 04/10/2018]. (2) Andrew Hurrell, « One World? Many Worlds? The Place of Regions in the Study of International Society », International Affairs, 83 (1), 2007, p. 333. (3) Fawcett « The History and Concept of Regionalism », op.cit., p. 4. (4) B. Gallie, « Essentially Contested Concepts », Proceedings of the Aristotelian Society, N.S, 56, 1965, p. 167-198. (5) Hurrell, « One World? Many Worlds? The Place of Regions in the Study of International Society », art.cit., p. 333. (6) William R. Thompson « The Regional Subsystems: a Conceptual Explication and a

12

القــرب الجغرافي وكثافة التفاعالت يشــكالن جوهر المتغيرات التي تعيّن " إنّ . وينبغي أن تشــمل دراسة هذه الكثافة التفاعالت الصراعية والتعاونية " إقليما ما في " مركَب أمني " على حد الســواء. وهو الســبب في أن بوزان يفضل مصطلح المتغيرات " ) ؛ فهو يشدد على système régional ( " نظام إقليمي " مقابل مصطلح – . وبما أن الشواغل األمنية عند معظم الدول ((( " الرئيسة التي تحدد وجود إقليم تقيّدها الجغرافيا، يظل القرب الجغرافي عام ًلا أساسيًا – باستثناء القوى العظمى . ((( في بناء مركَبات األمن اإلقليمية إلى نتيجتَين ((( وأفضــى غيــاب اإلجماع بين الباحثين على تعريــف محدد Propositional Inventory », International Studies Quarterly, 17 (1), 1973, p. 101. ، سنكتب المقابل بالفرنسية كلما تعلق ordre و système * تجنبا لاللتباس، في اللغة العربية، بين مفهوم ، علما أن ثمة مفردة نسق التي تُستخدم في العربية، في العلوم السياسية، كمقابل لـمفردة système األمر بـ لكنها غير منتشرة في األدبيات المتخصصة، لذا ال نستخدمها في النص إلى في حاالت نادرة، système (المترجم). ordre أما ما عدا ذلك من السياقات في النص ، فإن مفردة نظام تحيل إلى (1) Mohammed Ayoob, « From Regional System to Regional Society: Exploring Key Variables in the Construction of Regional Order », Australian Journal of International Affairs, 53 (3), 1999, p. 249-250. ، سنكتب المقابل بالفرنسية كلما تعلق األمر ordre و système تجنبا لاللتباس، في اللغة العربية، بين مفهوم ، علما أن ثمة مفردة نســق التي تُســتخدم في العربية، في العلوم السياسية، كمقابل لـــمفردة système بـ لكنها غير منتشرة في األدبيات المتخصصة، لذا ال نستخدمها في النص إلى في حاالت نادرة، système (المترجم). ordre أما ما عدا ذلك من السياقات في النص ، فإن مفردة نظام تحيل إلى (2) Ibid., p. 250. يقــول بــوزان إن « مفهوم اإلقليم يُســتخدم على نطاق واســع لكن نادرًا مــا يجر تعريفه بالدقة ((( الكافيــة». ويضيــف أنه على الرغم مــن غياب االتفاق التام، تقريبًا، بين الباحثين، ثمة على األقل إجماع مفــاده أن األقاليــم هــي « نوع من نظام فرعي خاص يتســم بالقرب الجغرافي والجوار بين األجزاء التي يتكون منها». Barry Buzan, « The Asia-Pacific: What Sort of Region in What Sort of World? », in Anthony McGrew et Christopher Brook (eds.), Asia-Pacific in the New World Order (London: Routledge, 1998), p. 68-69. ويوجز دانيال فليمَس وديتلَف نولت النقاشــات بشــأن صعوبة تعريف اإلقليم وغياب اإلجماع في هذا

13

ينبغي التعامل معهما. أوالهما أن التعريفات كثيرة بقدر كثرة المؤلفين. وثانيتهما أن إبقاءنا على تعريف محدد واعتمادنا عليه تفرضه الضرورة المنهجية، مع شد االنتباه إلى أن سرد عدد ال ينتهي من التعريفات لن يقلص بأ حال من التباين واالرتبــاك على الصعيد المفهومي. يضاف إلــى هاتَين الصعوبتَين صعوبة ثالثة : إذ تتطور ((( أشد عمومية، تتعلق بالمفاهيم المركزية في حقل العالقات الدولية التحليالت والمناقشــات في هــذا الحقل ويتطور معها الســياق الدولي؛ فيعاد النظــر فــي المفاهيم القديمة وتُقترح أخرى جديدة. وغني عن البيان أن اإلغراء المجال، فاقترحا طريقًا، اعتمدها بعض الباحثين للتعامل مع هذا األمر. وعلى النحو الذ أســهب فيه ، ال يقدم تعريفًا واضحا World of Regions بوزان، لحظا أن الكتاب الرائد الذ نشره بيتر كاتزنشتاين، جداً. وهي الحال أيضًا بالنســبة للكتب األخرى التي تتناول الهندســة المؤسســاتية للمناطق ودورها في السياســة الدولية. إذ يعرّف بعض المؤلفين األقاليم، بحســبهما، بطريقة شــديدة التجريد من دون تعيين جغرافــي واضــح، أو يختــارون تعريفات مقيِدة جدًا، بناء على قدرات إبــراز القوة، ما ينتهي إلى تعداد الكثير من األقاليم الصغيرة. ويثير ســؤال تعريف اإلقليم، من وجهة نظرهما، مشــكالت عملية وإمبريقية كثيرة: فهل ثمة إقليم آسيو أم أقاليم آسيوية مختلفة (جنوب آسيا، شرق آسيا، جنوب شرق آسيا، آسيا الوســطى)؟ وهل المكســيك جزء من أمريكا الشــمالية أم من أمريكا الالتينية؟ وهل ثمة إقليم واحد في أمريكا الالتينية أم ينبغي التمييز بين أمريكا الجنوبية وأمريكا الوســطى وأمريكا الشــمالية؟ وكيف تؤثر التفاعالت بين القوى في األقليم في تعيين حدودها. وعلى الرغم من أن فليمَس ونولت يقترحان تعريفهما الخاص لإلقليم، أ بوصفه «نظامًا فرعيًا محددًا من الناحية الجغرافية ضمن نظام شامل، يتكون من دول Hemmer( متاخمة»، فإنهما يعتبران أن البعد الجغرافي يتضمن بُعدًا سياسيًا أيضًا. كان هامر وكاتزنشتاين ، من جهتمهما، محقين حين اعتبرا أن «األقاليم غالبًا ما توصف بمصطلحات جغرافية، )et Katzenstein لكنها [على الرغم من ذلك] تعد ابتداعات سياسية وليست ثابتة ثبات الجغرافيا». مم يتكون «هذا البعد س ـ ِم اإلقليم إذًا»؟ يتســاءل فليمَس ونولت: هل هو األمن، مثلما يحا بوزان وويفر، أم � السياســي الذ ي إدارة النظــام اإلقليمــي، مثلمــا يؤكــد اليك ومورغان؟ ... ثم يخلصان إلى أن الفشــل في التوصل إلى تعريف واضح لما يشكل إقليمًا ال يثير إشكالية حادة؛ ألن االهتمام في جزء كبير من األدبيات ال ينصب على األقاليم بالمعنى المجرد، بل الشواغل البحثية لدى الباحثين هي التي تحددها وتعرِفها. يراجَع: Daniel Flemes and Detlef Nolte, « Introduction », in Daniel Flemes (ed.), Regional Leadership in the Global System: Ideas, Interests and Strategies of Regional Powers (Farnham: Ashgate, 2010), p. 2-3. نستخدم عبارة حقل العالقات الدولية لإلحالة إلى التخصص النظر أو العلم، وعبارة العالقات ((( الدولية لإلحالة على العالقات بين الدول.

14

الكامن في (إعادة) صوغ التعريفات أو اقتراح تعريفات جديدة سيظل قويًا؛ لكن هدفنا لن ينهض على اقتراح تعريف جديد لمفهوم اإلقليم أو ســرد التعريفات ) والحالية (الخاصة " اإلقليمية الكالسيكية " القديمة على تنوعها (تلك الخاصة بـ ). لذلك، ســنكتفي بتسليط الضوء على تعريفَين منها، مع " اإلقليمية الجديدة " بـ التركيز على تحليل المحددات المستخدمة في تعريف اإلقليم على نطاق عام. يدفع المســتوى اإلقليمي، الذ يتوسط مســتويي الدولة والنظام الدولي، المعتمــد بوصفه مســتوى التحليل في هذه الدراســة، للواجهــة بمفاهيم تظل ضروريــة على الرغم من صعوبــة اإلحاطة بمضامينها: مثل اإلقليم، واإلقليمية، . ولقد خصصنا الفصل األول من هذا )système régional( والنظــام اإلقليمــي الكتاب لمناقشة مسألتَي اإلقليم كمستوًى للتحليل ثم اإلقليمية. لذلك، سنكتفي هنا بمناقشة مفهوم اإلقليم بخاصة، ما سيمكّننا بعدها من تعيين غرب المتوسط، وحــدوده، وطابعه اإلقليمي البارز، وحركــة اإلقليمية التي تتطور فيه إلى الحد الذ أفضى إلى أن صارت جزءًا ال يتجزأ من هويته وبنائه. وللبدء في تعريف اإلقليم الغرب متوســطي، موضوع بحثنا في هذا الكتاب، سننطلق من مقدمتَين منطقيتَين: أوالهما أن األقاليم مبنية اجتماعيًا؛ وثانيتهما أن العامل الجغرافي مهم، لكنه غير كاف. وعلى النحو الذ أخبرنا به جوزيف نا بدءًا من أواخر ســتينيات القرن حتى وإن " اإلقليم، في االســتخدام الشــائع، مصطلحًا غامضًا " العشــرين، يبدو كان تضميــن البُعــد الجغرافي، في غالب األحيان، في تعريفه يســاعد في فهم هــذا المفهــوم على نحو أفضل. فإذا كانت بعض تجمّعــات الدول قائمة على أساس جغرافي (مثل الجماعة األوروبية)، فإن البعض اآلخر هو تجمعات شبه إقليمية (مثل حلف شمالي األطلسي)، في حين يفتقر بعضها إلى مكون جغرافي ما مِن أقاليم ‹مطلقة› أو " (مثــل الكومنولث البريطاني). ما دفــع نا للقول إنه . إضافة إلى ذلك، فإن أهمية الحدود الجغرافية تتباين بتباين " ‹محددة بالطبيعة› األهــداف: فاإلقليــم ذو األهمية من حيث األمن ليس بالضرورة ذا أهمية لجهة اإلقليم الدولــي (...) على أنه عدد " التكامــل االقتصــاد . لذلك يعــرّف نا . " محــدود من الدول التي تربطها عالقــة جغرافية ودرجة من االعتماد المتبادل والعدد المحتمل لألقاليم، التي يمكن أن تصير مهمة في السياســة الدولية، إنما

15

تكوين " ؛ ومن ثم صاغ تعريفه لإلقليمية على أنها " يعتمد على القرارات السياسية " . وانطالقًا من هذا التعريف، ((( " ترابطات أو تجمعات بين الدول قاعدتُها األقاليم الذ يلقي الضوء على التنوع القطاعي لألقاليم، وعلى طابعها المبني، على نحو ما، يمكننا القول إن اختيارنا لغرب المتوسط كإقليم للبحث على صعيد األمن واالقتصــاد معًا إنما هــو اختيار وجيه (لن يدرس هذا الكتاب البعد االقتصاد بمعنى التبادالت بين الضفتين). مســاحة " يرى كل من بار بوزان وأول ويفر وياب د وايلد أن اإلقليم ؛ أما اإلقليم " ترابية متماســكة مــن الناحية المكانية تتكون من دولتَيــن أو أكثر ) فجزء وحسب من اإلقليم، شريطة أن تكون معنية به أكثر subregion الفرعي ( من دولة واحدة ومن دون أن يشمل دول اإلقليم كلها؛ في حين يعدّون اإلقليم . ويمكن تصنيف هذا ((( ) منطقة داخل حدود دولة ما micro - région المصغــر ( في استخدام نا . " اإلقليم الدولي " ، في مقابل " اإلقليم الوطني " األخير على أنه يسمح التعريف الذ يورده بوزان وويفر ود وايلد بتجنّب االلتباس، في اللغة اإلنجليزية وكذلك في اللغة الفرنســية، ما بين اإلقليم (الدولي) واإلقليم داخل ) مثل région الحــدود الوطنية. أما في اللغة العربيــة، فال يثير مصطلح منطقة ( هــذا االلتباس. إذ يمكن أن ينطبق على اإلقليم الوطني واإلقليم (الدولي) على حد الســواء. بل إن وجود مصطلحَين مختلفَين يســمح بشــرح كل وضع على حدة ومن ثم تجنّب مثل هذا االلتباس: حيث يستخدَم مصطلحا الجهة والناحية في اللغة العربية بوصفهما مرادفَين لإلقليم (المنطقة) في حالة األقاليم الوطنية. كما يُســتخدم المصطلح نفســه، أ منطقة، حين يتعلق األمر باألقاليم الدولية. )، والمقاطعة région لكــن مصطلح إقليم، في معنــاه الذ يتضمن المنطقــة ( يمكّن من – اعتمادًا على السياق – ) territoire )، والمساحة التراتبية ( province ( ) الذ يميز بوضوح ما نقصده حين نتحدث régional اشــتقاق النعت إقليمي ( ). وبذلك يُحتجب المصطلح système régional عــن مفهوم النظام اإلقليمــي ( (1) Joseph S. Nye, « Introduction », in Joseph S. Nye (ed.), International Regionalism: Readings (Boston: Little, Brown and Company, 1968), p. vi-vii. (2) Barry Buzan, Ole Wæver and Jaap de Wilde, Security: a New Framework for Analysis (Boulder: Lynne Rienner, 1998), p. 18-19.

16

ويختفي معه االلتباس الذ أحدثه؛ متيحًا تمييزا واضحا ما بين " منطقــة " العــام اإلقليــم الدولي واإلقليم الوطني. فنقول على ســبيل المثــال، التنمية المحلية أ التنميــة داخــل إقليــم ينتمــي إلى الدولة)، –développement régional ( التي تخــص إقليمًا دوليًا). – développement régional والتنميــة اإلقليميــة ( ) غموضا في اللغة sécurité régional وهكــذا ال يعاني تعبير األمــن اإلقليمي ( العربية، إذ يحيل على األمن الذ يخص اإلقليم الدولي. مــاذا عن العوامل التي تمكُن من رســم حدود اإلقليــم؟ يرى الواقعيون (والواقعيــون الجــدد) أن العوامل المادية ال ســيما المتعلق منها بتوازن القوى هي التي تحدد اإلقليم وتســمح بتعريفــه تعريفًا يرتكز على األمن، أما العوامل المادية ذات الطبيعة االقتصادية فتعد من العناصر األساســية عند من يخضعون غالبــا األقاليم للتعريــف والمقارنة باســتخدام البيانات االقتصاديــة والروابط المؤسســاتية بين الدول، من داخل الدراســات التي تُعنى بالتجمعات اإلقليمية نافتا، ورابطة دول جنوب شرق – (مثل اتفاقية التجارة الحرة ألمريكا الشــمالية ميركوسور وغيرها). أما المقاربات – آسيان، والسوق المشتركة الجنوبية – آسيا وتهتم بالطريقة " التحديد المــاد لألقاليم " البنائية، فتتبنى مســعًى يتعارض مع التــي يقوم بها مختلف " تنبثق بها من إعــادة تعريف المعايير والهويات " التــي الفاعلين (حكومات، وجماعات، وشــركات). وقد دفعت هذه المقاربات بفكرة تتشكل عبر اإلدراك الجماعي للهويات " البناء االجتماعي لألقاليم، ما يعني أنها . وتدحض الرؤية البنائية " والمعانــي، والحــدود بينها غير واضحة؛ ال بل متغيرة الشائع عن األقاليم فتعدّها بنًى إدراكية تطورية، ذات " الســتاتيكي " هذه المفهوم . وال ينكر البنائيون المحفزات المادية، لكنهم يصرون ((( روابط مؤسسية واقتصادية علــى أهمية العوامل غير المادية، مثــل التعلّم والقوى المتعلقة باألفكار والبنى لبنى intersubjective المعيارية والمؤسساتية. وهم يجادلون بأن الفهم البينذاتي يســمح لنا بتحديد الطرائق التي تتغير بها، بمرور الوقت، المصالح والهوياتُ، والهويات اإلقليمية بالنتيجة، وكيف تنشــأ أشــكال جديدة من التعاون وااللتئام

(1) Raimo Väyrynen, « Regionalism: Old and New », International Studies Review, 5 (1), 2003, p. 26-27.

17

. ((( في جماعات لقــد صارت مســائل الهوية اإلقليمية، فــي أوروبا واألمريكتين وآســيا، عـ ًا مركزيًا في السياســة اإلقليمية. وتتســم هذه القضايــا بالتعقد لوجود � موضو تصــورات وطنية مختلفة عن اإلقليــم والصراعات على مداه الجغرافي وكذلك . ينطلق كل من مايكل شولز وفريدريك سودربوم ((( القيم التي يُفترض أن يمثلها ال تكمن في " ويواكيم أوجيندال من منظور بنائي ويحاجون بأن مشكلة اإلقليمية ترسيم حدود اإلقليم بهذه الصفة، بل في العملية والعواقب التي تنجر عن أقلمة ) مجاالت النشاط المختلفة وعلى مختلف المستويات. إذ ما régionalisation ( سواء كان – أو قائمة بذاتها؛ بل تُبنى وتُفكَك ويعاد بناؤها " بالطبيعة " مِن أقاليم في عملية التحول الشــامل الذ يتيحه العمل – ذلــك عــن قصد أم بغير قصد . وبما " مبنية اجتماعيّا " . واإلقليمية هي األخرى " الجماعي البشر وتشكيل الهوية ، فهي ليســت قائمة بذاتها بل تتشــكل، مثَلها مثَل " مبنية اجتماعيًا " أن األقاليم المصالــح، عبر عملية التفاعل والفهــم البينذاتي. وهكذا ينحو المؤلفون الثالثة . إذ يحا ((( ) processus نحو ألكســندر ونت، الذ يشــدد على مسألة العملية ( ، ويؤكد أن البنى ((( " البنية ليس لها وجود أو قوة سببية خار العملية " ونت بأن تأثيرات بمعزل عــن الخصائص والتفاعالت المرتبطة " ال يمكــن أن تكون لها للوكالء أ " الممارســات المتواصلة " . تُفهــم العمليات على أنها ((( " بالفاعليــن . ((( " تمنح معنًى إلنتا البنى البينذاتية وإعادة إنتاجها بمرور الزمن " الدول، فهي

(1) Andrew Hurrell « Explaining the Resurgence of Regionalism in World Politics », Review of International Studies, 21 (4), 1995, p. 353.

(2) Ibid., p. 353. (3) Michael Schulz, Fredrik Söderbaum and Joakim Öjendal, « Introduction: a Framework for Understanding Regionalization », in Michael Schulz, Fredrik Söderbaum and Joakim Öjendal (eds.), Regionalization in a Globalized World: a Comparative Perspective on Forms, Actors and Processes (London: Zed Books, 2001), p. 14-15. (4) Alexander Wendt, « Anarchy is What States Make of it: the Social Construction of Power Politics », International Organization, 46 (2), 1992, p. 395. (5) Alexander Wendt, Social Theory of International Politics (Cambridge: Cambridge University Press, 1999), p. 12. (6) Éric Thomas, « Le spectre de la métathéorie : Alexander Wendt serait-il hanté par ses propres engagements ? », Études internationales, 38 (3), 2007, p. 393.

18

ويفيد االســهام البنائي على صعيد المفاهيــم (الهويات، والمصالح، والمعايير، والقيم، والممارســات االجتماعية، والبينذاتية وغيرهــا...)، في تحليل المعنى الذ يمنحه الفاعلون للواقع الذ يُبنى ويعاد بناؤه، بوصفه واقعًا بينذاتيًا. ذلك أن نشر المعايير يمكن أن يطلق عملية األقلمة. وتقول الحجة البنائية إن المعايير إعادة صوغ، ودفاع وبناء، وإعادة إنتا وشرعنة (أ إعادة " تخضع وباستمرار لـ . وإن دورها َل أ ساســي في " إنتاجهــا أو تغييرها) يقوم بها الوكالء االجتماعيون فهم بناء الهويات، وتطوّر المعايير ونشرُها إنما يحدثان داخل المجتمعات وفيما . ((( بينها إذ يــرى هوريــل أن الطريقــة التي ينظــر بها الفاعلون إلــى فكرة اإلقليم جميع األقاليم مبنية اجتماعيًا " ويدركونها مســألة حاســمة، ما يجعله يؤكد أن . ولقــد أظهرت نهاية الحرب الباردة، واختفاء ((( " ومن ثم متنازع عليها سياســيًا سـّع حلف شمالي األطلســي، إلى أ مدى هي مبنية � االتحاد الســوفياتي وتو . ويتضح من النقاشات التي يشهدها ((( اجتماعيًا، ومن ثم عرضة إلعادة تعريفها " اإلقليم " و [أن] تعريفات " بالطبيعة " حقــل العالقات الدولية أنه ما مِن أقاليــم ) تختلف regionness / degré de régionalisme ( " درجة األقلمــة " ومؤشــرات . والكيفية التي ((( " بحســب اختالف المشــكلة ذات الصلة أو السؤال قيد البحث يقارب بها الباحث اإلقليم واإلقليمية توجّه المحتوى الذ يخصصه لهما، ولهذا الســبب ال تتبايــن األقاليم وفقًا لمعيار ثابت، بــل وفقًا لألهداف التي يعتمدها . تتباين األقاليم إذًا في خصائصها ال في متغيراتها، على نحو ما يحا ((( الباحث (1) Audie Klotz et Cecelia Lynch, « Le constructivisme dans la théorie des relations internationales », Critique internationale, 2, 1999, p. 60. (2) Hurrell, « Explaining the Resurgence of Regionalism in World Politics », art.cit., p. 334. (3) Emmanuel Adler and Michael Barnett « A Framework for the Study of Security Communities », in Emmanuel Adler et Michael Barnett (eds.), Security Communities (Cambridge: Cambridge University Press, 1998), p. 33. (4) Hurrell, « Explaining the Resurgence of Regionalism in World Politics », art.cit., p. 333- 334. (5) David A. Lake and Patrick M. Morgan, « The New Regionalism in Security Affairs », in David A. Lake and Patrick M. Morgan (eds.), Regional Orders: Building Security in a New World (Pennsylvania: the Pennsylvania State University Press, 1997), p.11.

19

به ديفيد اليك وباتريك مورغان. إذ يمكن تحليل الشرق األوسط أو جنوب آسيا أو حتى أمريكا الالتينية بالمصطلحات نفسها، لكنها يمكن أن تتباين تباينًا كبيرًا في ســماتها الخاصة. لكنهما يضيفــان أن التباينات في الخصائص والمتغيرات الدعوة إلى أن تكون لكل إقليم نظرية " المشتركة بين األقاليم ال يمكن أن تبرر مختلفة. فربما تختلف األقاليم في مقارباتها إلدارة األمن، لكن التحليل المقارن يتطلب، على الدوام، تصنيفًا مشتركًا ومجموعة من المتغيرات السببية. و[أيضًا]، ) نفســها التي processus تعمل األقاليم بالضرورة بموجب القوانين والعمليات ( . ((( " يخضع لها النظام العالمي يعتمــد تحديــد اإلقليم، مثلما يقول ريمــون آرون، على التموقع/اإلدراك النابع من داخل اإلقليم ومن خارجه في أن واحد، مما يسمح بإحداث اختالف ما بين الداخل (داخل اإلقليم) والخار (كل ما هو خار عنه). ولهذا السبب يتجــزأ النظــام الدولي إلى عدة نظم فرعية أو نظم إقليمية. وبحســب رأيه، فإن النظام الفرعي يكتسب واقعًا ألن الدول أو الشعوب تتضامن في مصيرها على " نحو عفو حتى في حالة غياب توازن للقوى العســكرية محليًا، وتمايز بين ما . ((( " يحدث داخل منطقتها الجغرافية التاريخية وما يحدث خارجها تشــدد الحدود بينها على ((( " مجتمعات متخيلة " واعتبر هوريل أن األقاليم خصائص معينة وتتغافل عن أخرى في الوقت عينه. إن االهتمام بالوعي باإلقليم ) يعنــي االهتمام باللغة والمفــردات والخطابة وخطاب اإلقليمية، awareness ( والعمليات السياسية التي يجر عبرها تعريف اإلقليمية والهوية اإلقليمية وإعادة تعريفها باستمرار، وبالفهوم المتشاركة والمعاني التي يمنحها الفاعلون المعنيون للنشاط السياسي أيضًا. وحالة أوروبا في هذا الصدد كاشفة: فانبعاث أسئلة الهوية اإلقليميــة فيها يمثل ظاهــرة دون الدولة بقدر ما هي ظاهرة فوق الدولة في آن واحد. إذ يمكن أن تستند قضايا مثل الوعي باإلقليم أو المدركات المتشاركة عن االنتماء إلى جماعة ما، إلى عوامل داخلية (الثقافة المشــتركة والتاريخ والتقاليد (1) Ibid., p. 9. (2) Raymond Aron, Paix et guerre entre les nations (Paris: Calmann-Lévy, 1984), p. 388. (3) Hurrell, « Explaining the Resurgence of Regionalism in World Politics », art.cit., p. 334

20

خارجي بالنسبة " آخر " الدينية)، مثلما يمكن تحديدها أيضًا بوصفها تتعارض مع لها، والذ يُنظر إليه غالبًا من منظور التهديد السياسي (االتحاد السوفياتي بالنسبة ألوروبا، أو الهيمنة األمريكية بالنسبة ألمريكا الالتينية)، أو الثقافي (أوروبا فيما بسبب الهجرة). – يتعلق بالعالم اإلسالمي اليوم؛ ال سيما مع انبال مسائل الهوية ، لكنها مصوغة في " الجديدة " ويتعلــق األمر هاهنا بخصائص بارزة في اإلقليمية حجــج تاريخية عميقة الجذور عن تعريف اإلقليم، وعن القيم واألهداف التي " . ((( " يمثلها ال يمكننا أن ننكر اإلسهام الذ قدمته النقاشات الخاصة بمفهوم اإلقليم، ، تحتفظ المعايير " اإلقليمية القديمة " فبالرغــم من االنتقادات التي وُجّهت إلــى بكامل حجيتها، ال سيما ما تعلّق منها بالقرب 1973 التي اعتمدها تومبسون عام . وفــي رأ تير بالزاك، قد تختلــف تعريفات اإلقليم ((( الجغرافــي والتفاعل لكــن ليس محدداته؛ وهي تفاعل الفاعلين، والقــرب الجغرافي، واألنطولوجيا صديق أو – الطبيعة المترســبة للروابط " العالئقيــة. وتحيــل هذه األخيــرة إلى وضعًا تحليليًا، بل وحتى " . كما ينســب بوزان وويفر لألقاليم ((( " عدو أو منافس . فماذا إذًا عن تعريف ((( " صفة الفاعل " على الرغم من أنها ال تملك " أنطولوجيًا اإلقليم الغرب متوسطي؟ البحر المتوســط ليس بحرًا؛ بل سلســلة من " يقــول فرنانــد بروديــل إن المســطحات المائية التي يتواصل بعضها مع بعض عبر بوابات واســعة إلى حد ) في الحوضَين narrow - seas ما. فتتفرّد بفعل ذلك سلسلة من البحار الضيقة ( الغربي والشــرقي الواسعَين للبحر المتوســط ما بين الواجهات القارية المتنوعة " األم " . لنقل إن البحر المتوسط يتكون من البحار ((( " التي تشــكلها كتل اليابســة (1) Ibid., p. 334-336 طرق الكثير من المؤلفين المعايير التي اعتمدها تومبسون، مثلما سنرى في الفصل األول من هذا ((( الكتاب. (3) Thierry Balzacq, « La politique européenne de voisinage, un complexe de sécurité à géométrie variable », Cultures & Conflits, 66, 2007, p. 34. (4) Buzan and Wæver, Regions and Powers, op.cit., p. 27. (5) Fernand Braudel, La Méditerranée et le monde méditerranéen à l’époque de Philippe II, tome 1 (Paris: Armand Colin, 1990), p. 126-127.

21

األربعــة وهي: غرب البحر المتوســط، الذ يربط مضيــق جبل طارق جنوب أوروبــا بالمغرب العربي؛ والبحر األدرياتيكي الذ يربط إيطاليا بالبلقان؛ وبحر إيجه، الذ يجمع اليونان وقبرص وتركيا، وأخيرًا شرق البحر المتوسط، ويجمع األربعة هي أقاليم " األم " الدول العربية وإسرائيل في الشرق األدنى. هذه البحار ، لكن التشكيلة أشد تعقدًا من حيث التفاعل إذا ما عرفنا ((( فرعية تشكل المتوسط أن إيطاليا أوسع نشاطًا في غرب المتوسط منها في البلقان، وأن تركيا نشطة في بحر إيجه بقدر نشاطها في الشرق األدنى (الحوض الشرقي). وربما يكون بروديل أول من حدد بوضوح حوضَي المتوســط، الشــرقي " حدود " والغربي. من الناحية الجغرافية، تقسّم صقلية وتونس البحر المتوسط: فـ تتطابق مع حدود ‹الجســر› الجيولوجي القديم الممتد من صقلية " هــذا األخير إلى إفريقيا: ثمة إلى الشرق خط مرسوم من طرابلس إلى سيراكوس؛ وخط إلى الغرب من عنابة إلى تراباني. ويتوجه المحور الرئيس من الشمال إلى الجنوب . يقول نور الدين عبد إن غرب المتوسط يتباين عن ((( " من صقلية إلى إفريقيا شــرقه بالخصائص المميِزة للعالقات األورومغاربية وتمايزها عن العالقات بين " قرب جيوثقافي معين " المشرق العربي وأوروبا: فثمة قرب جغرافي؛ وتاريخ؛ و يربط اإلقليم المغاربي والتجمع الجنوب أوروبي. ويشكل التداخل المتزايد بين ضفتَي غرب المتوسط عالقاتهما بطرائق سلبية وأخرى إيجابية. لذلك فإن قِدم الروابط بين الضفتَين وكثافتها هي ما يميز هذا اإلقليم عن بقية المتوسط، على . ((( المستويات السوسيوسياسية واالقتصادية يمكن أن تساعد هذه العوامل المختلفة، بالطبع، في التمييز بين الحوضَين الشــرقي والغربي للبحر المتوســط، لكن التشكيلة على قدر من التعقد إذا أمعنّا النظر داخل الفضاء الغرب متوســطي. إذ تفيض على الجغرافيا عناصر أخرى، ويتفــوق على الكثافــة التاريخية للروابط تنوع بالــغ. فالمعيار الجغرافي وعلى (1) Stephen C. Calleya, Security Challenges in the Euro-Med Area in the 21st Century – Mare Nostrum (London: Routledge, 2013), p. 4. (2) Braudel, La Méditerranée et le monde méditerranéen à l’époque de Philippe II, op.cit., p. 135. (3) Nourredine Abdi, « La Méditerranée occidentale: une réalité ? », in Abdennour Benantar (dir.), Europe et Maghreb: voisinage immédiat, distanciation stratégique (Alger: CREAD, 2010), p. 150, 152.

22

الرغم من أهميته، ال يســاعد في تعريف إقليم غرب المتوسط. يقول جان-بيار ماريشي، من وجهة نظر جغرافية محضة، إن غرب المتوسط فضاء بحر تحدّده إلى الشرق ومضيق جبل طارق إلى الغرب. " العتبة الصقلية-التونســية " بوضوح لكن حين ننتقل إلى المســتوى البشــر يحل الغموض محل هذه البساطة التي تمنحها الجغرافيا. إذ وعلى الرغم من كثافة العالقات واالتصاالت بين الضفتَين وامتدادها في التاريخ، فإن هذا اإلقليم ال يزال يطبعه تنوع شديد (ثقافيًا واقتصاديًا ، يقول ماريشي، " يجعلنا نتساءل في كثير من الحاالت " وجيوسياسيًا)، للحد الذ عما إذا كان التجاور الجغرافي غالبًا على أشكال االستمرارية، التاريخية منها أو " الثقافية أو السياسية، مع أقاليم خارجية عن المنطقة. فهل فرنسا متوسطية أكثر من . ((( " كونها أوروبية أو أطلســية؟ وهل المغرب مســلم أو أفريقي أكثر منه غربي؟ وليست هذه الهويات متعارضة بالضرورة، ألن الهويات يمكنها أن تكون متعددة، حتى مع وجود هوية طاغية على الدوام يجر إنتاجها وإعادة إنتاجها. إذ يمكن ومتوسطيًا في آن. ومهما يكن من أمر، ((( للمرء أن يكون فرنسيًا وأوروبيًا وغربيًا فمثل هذه األسئلة إنما تميط اللثام عن حدود التجاور الجغرافي. يؤكــد محــل العين جبايلي على فكرة البنــاء اإلقليمي ليميز بين فئتَين من . " المفاهيم ذات السمة الميثولوجية " و " المفاهيم ذات السمة اإلجرائية " المفاهيم: فتنتَج األولى لتبرير ما يعد راسخًا (سلفًا)، سواء أكان وضعا أمنيًا أم ممارسة؛ أو للعمل على ترسيخ ذلك، أ الستجالب مثل هذا الوضع و/أو هذه الممارسة. برسم السياسات " وهي مقولة ترتبط بالواقع وبالمعيش؛ ومن ثم فهي شديدة الصلة . أما الفئة الثانية " التي تســتخدم اإلمكانات االقتصاديــة و/أو الدفاعية لمنتجيها من المفاهيم، والموجهة الســتهالك الرأ العام، فال تتوافق مع ممارســة و/أو ال يمكنه التحقق، " تتوقّع بناء وضع " وضع راسخ أو يراد ترسيخه؛ ألنها مفاهيم علــى األقل في الظــروف التي يحدث فيها مثل هذا التوقع. يعد جبايلي مفهوم يتوافق مع " إذا انطلقنا مــن الجغرافيا، كونه " مفهومًا إجرائيًا " المتوســط الغربي (1) Jean-Pierre Marichy, « Éléments de définition d’un sous-système régional de la Méditerranée occidentale », Observatoire stratégique méditerranéen, Cahiers 3, 1988, p. 9. (2) من وجهة نظر بعد الحداثيين، يمكن أن يكون للمرء هويات متعددة في الوقت عينه . Barry Buzan, « From International System to International Society: Structural Realism and Regime Theory Meet the English School », International Organization, 47 (3), 1993, p. 339.

23

. " واقع يسهل التعرف عليه بفضل بعده الجغرافي والتاريخي واإلنساني والثقافي وتُظهر الممارســة السياسية، في المقابل، كيف تكابد المشروعات اإلقليمية في سبيل تحقيق نتائج ملموسة. ويضيف جبايلي أن المبادرات المختلفة التي قادتها البلدان المشاطئة، ال سيما فرنسا وإيطاليا وإسبانيا خالل ثمانينيات القرن العشرين وتسعينياته، وكذلك االجتماعات على مستوى الخبراء بشأن القضايا األمنية التي ، تكشــف عن تقدم أحرزتــه هيكلة الحوار 5 + 5 أفضــت إلــى إطالق مجموعة فضاء " والتعــاون األمنــي من حيث توعية الفاعلين في غرب المتوســط بوجود . ولقد تحقق ((( " مشترك وإمكانيات حقيقية تسمح باستجالب المنفعة المتبادلة منه تقدم ملحوظ إلى حد ما في هذا المجال منذ مطلع التســعينيات (ســنطرق هذا الموضوع في الفصلَين األخيرَين من هذا الكتاب). ويتجلى هنا كيف يبدو القالب الجغرافي غير كافٍ، على الرغم من أهميته. ولقد أوضحنا آنفًا أن المعيار الجغرافي ليس كافيًا لتعريف إقليم ما، لذا فالمقاربة التــي نتبناها هاهنــا بنائيةٌ، وهي ترى األقاليم مبنية اجتماعيًا. وحين يتعلق األمر بالمتوســط، يتبدّى لنا قِدم هذا الجانب المبني. والحق أن المتوســط لم يكن له وجــود دائم بوصفه موضوعًا علميًا؛ فقد أثبتت القراءة النقدية خضوعَه لالبتداع أو البناء على يد الجغرافيين والمؤرخين في القرنَين الثامن عشر والتاسع عشر. وبات فعل البناء هذا، أ ابتداع المتوســط، موضوعًا لمشــروع نقد حقيقي وثر ولتســاؤالت علمية خالل العقود األخيرة. وبما أن ابتداع المتوسط هذا، كان مرتبطاً، على نحو ما، بمشــروعات سياســية قامت على الغزو والســيطرة من جانب فرنســا على وجه الخصوص، أخضعت مســألة المتوســط المبتدَع للتســاؤل والمســاءلة في الكثير من األبحاث التي تبنّت مقاربة نقدية في تحليل (1) Mahlaine Djebaïli, « L’Union du Maghreb arabe et le projet de Méditerranée occidentale», dans Marie-Lucy Dumas (dir.), Méditerranée occidentale : sécurité et coopération (Paris: FEDN, 1992), p. 174, 181. ) الخاص 1990 ، أو االقتراح اإلســباني-اإليطالي ( 5 + 5 من هذه المبادرات يمكننا االستشــهاد بمجموعة )، على غرار نمــوذ مؤتمر األمن والتعاون في أوروبا CSCM بمؤتمــر األمن والتعاون في المتوســط ( )، بحيث يشمل دول المتوسط جميعها. CSCE (

24

. وتوجز آن رويل هذا ((( المعرفة المنتَجة عن المتوسط وعن بنائه والكشف عنها المتوسط ليس " والبناء الذ كان المتوسط موضوعًا له بقولها: " االبتداع العلمي " بدهية قائمة بذاتها، إذ يصح أنه نتا بناء عقلي، ال ســيما من لدن الجغرافيين والمؤرخين، بقدر ما يصح أنه ليس نتا بيانات ‹موضوعية› وحسب. ألنه بقدر ما يشــارك المســعى العلمي والعقالني في هذا البناء، بقدر ما للخيال ما يقوله حدثت إبان الحرب " إعادة ابتداع " القديم " االبتداع " . لقد حلّت مكان هذا ((( " أيضًا الباردة وعملية برشــلونة على وجه خاص؛ تحوّل المتوســط بفِعلها إلى فضاء . ((( أورومتوسطي، في قطيعة مع بعض الصور القديمة من زمن ابتداع المتوسط. فلْنعــد اآلن إلــى البعد الجغرافي. فحتى لو تجلّى واضحًا أن حدود غرب المتوسط ترتسم على أساس الجوار الجغرافي، يظل هذا المعيار غير كاف حين يتعلق األمر بتعيين البلدان األعضاء فيه. إذ يشمل غرب المتوسط، بحسب المعيار الجغرافي المحض، ك ّلا من الجزائر وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا والمغرب وتونس. ما يجعلنا نتســاءل بشــأن عضوية الدول األخرى غير الواقعة جغرافيًا في غرب (1) Herausgegeben Von et al., Construire la Méditerranée, penser les transferts culturels : approches historiographiques et perspectives de recherche (Munich:, Oldenbourg Verkag, 2012) ; Dionigi Albera et Mohamed Tozy (dir.), La Méditerranée des anthropologues : fractures, filiations, contiguïtés (Paris: Maisonneuve et Larose, 2005) ; May Chehab, Yannis Ioannou et Françoise Métral (dir.), Méditerranée: ruptures et continuités (Lyon: Maison de l’Orient, 2003); Thierry Fabre et Robert Ilbert (dir.), Les représentations de la Méditerranée (Paris: Maisonneuve et Larose, 2002) ; Florence Deprest, «L’invention géographique de la Méditerranée: éléments de réflexion », L’Espace géographique, 1, 2002, p. 73-93; Jean-Claude Izzo et Thierry Fabre (dir.), La Méditerranée française (Paris: Maisonneuve et Larose, 2000); Marie- Noëlle Bourguet et al., L’invention scientifique de la Méditerranée: Égypte, Morée, Algérie (Paris: EHESS, 1998); Anne Ruel, « L’invention de la Méditerranée », Vingtième Siècle, 32, 1991, p. 7-14 ; Jean-Robert Henry, « Métamorphoses du mythe méditerranéen », dans Jean-Robert Henry et Gérard Groc (dir.), Politiques méditerranéennes entre logiques étatiques et espace civil, (Paris, Karthala, 2000), p. 41-56. وحتى في هذه األدبيات عن ابتداع المتوســط، ثمة حديث عن تشــكيلة/وظيفة مزدوجة للمتوســط هي وظيفة الحدود ووظيفة االتصال والتقارب؛ بحسب ما تقتضيه األحداث. (2) Ruel, « L’invention de la Méditerranée », art.cit., p. 7. (3) Isabel Schäfer, « Du Mare Nostrum à l’Union pour la Méditerranée : concepts régionaux et scénarios politiques », dans Von, Construire la Méditerranée, penser les transferts culturels, op.cit., p. 182-193.

25

المتوسط؛ وهي ليبيا ومالطا وموريتانيا والبرتغال. يبدو من المالئم إذًا أن نأخذ بالحسبان، من جهة، انتظام التفاعالت اإلقليمية وكثافتها، والممارسات المتعلقة بالتمــثالت والمــدركات واألفعال التي يبديها الفاعلــون من جهة أخرى. فهذه المعايير والعالقة األنطولوجية وعملية البناء االجتماعي لإلقليم هي ما يســمح بدمج هذه البلدان األربعة في فضاء غرب المتوســط. وانطالقًا من الفكرة التي حاجّت بها لين هانســن؛ حين قالت إن األمن القومي ممارســة تُستخدم في بناء ، قد نفترض أن األمن اإلقليمي هو أيضًا ممارســة ((( الهوية الوطنية وترســيخها تهدف إلى بناء و/أو ترســيخ تصور إقليمي معين، بل وهوية إقليمية في ســياق تكامل عالِ. لذلك ينطلق الســؤال المتعلق بحدود اإلقليم الغرب متوسطي وتعريفه من الوضع غير المريح لجناحَيه الشرقي (مالطا وليبيا) والغربي (البرتغال وموريتانيا)، بالنسبة للشمال والجنوب على حد السواء. تقدم مالطا (وهي عضو في االتحاد ) مثا ًلا نموذجيًا لبلدان هذا اإلقليم. إذ تقع جغرافيًا بين 2004 األوروبي منذ عام إيطاليــا وليبيا؛ لذلك فهي، بحكم طبيعتها الجزرية، ال تنتمي ال إلى المجموعة الفرعيــة التــي يمثلها المغرب العربي، وال إلى المجموعــة الفرعية التي يمثلها جنوب أوروبا. لذلك فاندماجها في غرب المتوسط يتحدّد بوساطة عوامل أخرى من بين البلدان " غير المعيار الجغرافي. أما البرتغال، فيمثل الحالة المعاكسة؛ إذ المتوسطية-األطلسية األربع، يقع البرتغال بكامله على واجهة المحيط األطلسي . يقول ألفارو دو فاسكونســيلوس إن البرتغال ((( " مما يبعده عن غرب المتوســط يعد بلدًا أجنبيًا (أطلســيًا) بالنســبة إلى اإلقليم من الناحية الجغرافية، لكنه يعد . بيد أنه، وبخالف مالطا، ينتمي بجالء إلى المجموعة الفرعية ((( متوسطيًا بطبيعته التي تمثلها جنوب أوروبا. ماذا إذًا عن المكوّن المغاربي (اإلفريقي) لغرب المتوســط؟ يمكن التأكيد منذ البداية أن حدود إقليم المغرب العربي، بما في ذلك على المستوى المؤسسي (1) Lene Hansen, Security as Practice: Discourse Analysis and the Bosnian War (London, Routledge, 2006), p. 26. (2) Abdi, « La Méditerranée occidentale : une réalité ? », op.cit., p. 150. (3) Álvaro de Vasconcelos, « Europe, the Middle East and North Africa: Part II », The Adelphi Papers, 28 (230), 1988, p. 46.

26

)، وهو المقابل Maghreb اإلقليمــي، ال تعاني غموضًا يُذكر. فالمغرب العربي ( )، يشير إلى الجزء الغربي من شمال إفريقيا. إذ انبثق Levant للمشــرق العربي ( من المرحلة الكولونيالية تحديد ضيّق أسفر عن تحديد للمغرب العربي المعاصر ارتبط بتســمية فرنسية هي المغرب األوسط (المغرب والجزائر وتونس) تتطابق سـ ِل الغمــوض الذ يحوط � مــع األراضي الكولونيالية؛ ومن هذه التســمية ين ) بحيث تُســتثني Afrique du Nord االصطالح الفرنســي عن شــمال إفريقيا ( منهــا ليبيا ومصر اللتان كانتا وقتذاك تحت نير الكولونيالية اإليطالية والبريطانية مع ما نعثر عليه في الجغرافيا ((( . ويتطابق هذا التحديد الفرنســي ((( على التوالي العربية القديمة التي كانت تقصره على ثالثة بلدان ذات حدود فضفاضة: المغرب األوسط الذ يحيل على الجزائر والمغرب؛ والمغرب األدنى الذ يحيل على تونس والمغرب؛ والمغرب األقصى الذ يشير إلى المملكة المغربية. وتبلورت فكرة المغرب العربي الحالي بفضل حركات االستقالل، فامتدت بذلك حدوده لتشــمل ليبيا وموريتانيا، ومن ذلك نتج تعبير المغرب الكبير الذ اســتُخدم في الخطابات السياسية المغاربية أثناء النضاالت من أجل االستقالل وبعده. بيد أن عملية توســيع الحدود المغاربية والدفع باستقرارها لم يُفضِ، ألسباب مختلفة، ، على الرغم من االمتداد التاريخي لفكرة ((( إلى دينامية باتجاه التكامل اإلقليمي المغرب العربي، والمشــروع السياســي المغاربي الذ يعــود إلى بداية القرن فيما يتصل بالجوانب التاريخية يُنظر: ((( Jean Carpentier et François Lebrun (dir.), Histoire de la Méditerranée (Paris, Éditions du Seuil, 2017); Charles-André Julien, Histoire de l’Afrique du Nord : des origines à nos jours, 3è éd (Paris, Payot, 1994); Albert Hourani, Histoire des peuples arabes (Paris, Éditions du Seuil, 1993); Abdallah Laroui, L’histoire du Maghreb : un essai de synthèse (Paris, Maspero, 1982). دول شمال إفريقيا، في رأ شارل-أوندريه جوليان، هي المغرب والجزائر وتونس: ((( Julien, Histoire de l’Afrique du Nord, op.cit., p. 11. (3) Abdennour Benantar, Les initiatives de sécurité au Maghreb et au Sahel : le G5 Sahel mis à l’épreuve (Paris: L’Harmattan, 2019), p. 16-17. ، يُنظر: عبد النور بن عنتر، المبادرات األمنية في منطقة 2022 صدرت الترجمة العربية لهذا الكتاب عام المغــرب العربــي والســاحل: مجموعة دول الســاحل الخمس على المحك، ترجمة عومرية ســلطاني ) (المترجم) 2022 (الدوحة/بيروت: المركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات،

27

. وأدى تطور الوعي والممارسات السياســية المغاربية إلى حدوث ((( العشــرين تعديل في حدود المغرب العربي على النحو الذ استقرت عليه اليوم. واستكمل س ـ ّع) � اتحاد المغرب العربي هذه العملية التاريخية، مص ًِقًا على التعريف (المو . ((( الحالي للمغرب العربي، ومثبِتًا حدوده على األرض فهــل يتعلق األمــر بالمغرب العربي إذًا أم بشــمال إفريقيا، ما دامت هذه البلــدان المغاربية تقع في شــمال إفريقيا؟ أثار عبد الله العرو هذه المســألة من أين يُروى التاريخ؟ من شــمال إفريقيا، المصطلح الذ " على النحو التالي: انتقــده الجغرافيون؛ أم من شــمال غربي إفريقيــا، وهو مصطلح أكثر صحة من الناحية الجغرافية لكن اعتبارات سياسية معاصرة هي التي تمليه؛ أم من البربرية )، المقولــة المرنة التي حظيت باســتخدام متنــوع منذ بداية العصر Berbérie ( الحديــث قبــل أن يجر التخلي عنهــا نهاية األمر ألنها احتــوت على الكثير من التحيزات السياســية، إن لم نقل العرقية؛ أم نبدأ من المغرب العربي، وهو مصطلح عربي فضفاض يتيح منشــؤه األجنبي استخدامَه في اللغات األوروبية، علــى الرغم من أنه غير قابل لالســتخدام في اللغــة العربية، حتى مع تحديده بإضافة النعتين العربي أو اإلسالمي إليه (...). إن مصطلح المغرب العربي، الذ اختير لعدم توفر األفضل، ليس له معنى جغرافي، بل معنًى تاريخي ودينامي في . أما نحن فنختار مفهوم المغرب العربي لسببَين. أولهما غياب خيار ((( " األساس أفضل، خاصة أن شــمال إفريقيا تشــمل مصر أيضًا. وثانيهما ألنها التسمية التي تستخدمها مجموعة البلدان المعنية. تُظهر لنا هذه النقاشات أن األمر يتعلق، في الحقيقة، ببناء بينذاتي لإلقليم الغرب متوســطي ووعي به. إذ يصعب أن نتخيل أن توافق دول جنوب أوروبا يعد علي باشــا حامبة، أحد القادة الوطنيين التونســيين، أول من أثار الحاجة إلى وحدة المغرب ((( العربي بدءًا من مطلع القرن العشرين. Mohamed Abed Jabri, « Evolution of Maghreb Concept: Faces and Perspectives », in Halim Barakat (ed.), Contemporary North Africa: Issues of Development and Integration (London: Croom Helm, 1985), p. 65. (2) Abdennour Benantar, « Maghreb(s) de l’UE : (re)penser la relation euro- maghrébine »,

dans Benantar, Europe et Maghreb, op.cit., p. 25. (3) Laroui, L’histoire du Maghreb, op.cit., p. 13-14.

28

الثالث (فرنســا وإســبانيا وإيطاليا) على اســتبعاد البرتغال منــه، ومن ترتيباته اإلقليميــة بالنتيجــة، على الرغم من أنــه ليس دولة مشــاطئة. كما يصعب أن نتصور اعتراف البلدان المغاربية باستبعاد موريتانيا من ترتيبات التعاون اإلقليمي في غرب المتوســط للذريعة الجغرافية نفســها؛ بل إن القبول بذلك يعني منح الدول األوروبية القدرة على رسم حدود اتحاد المغرب العربي، حتى مع حالة االحتضار التي يعانيها هذا األخير. فقد أفضى إقصاء ليبيا المؤقت من مجموعة ، إلى نتيجة مباشرة هي تجميد هذه العملية بين عامَي ((( ، بسبب قضية لوكربي 5 + 5 . إذ فضلت البلدان المغاربية وقف أنشطة المجموعة، على مستوى 2000 و 1992 وزراء الخارجية، عوضًا عن متابعتها من دون الحضور الليبي فيها. وكانت تلك المغاربي في " المكون " طريقة أيضًا إلبالغ شركائها في جنوب أوروبا أن تعيين العملية الغرب متوسطية ليس من اختصاصهم؛ يحددونه كما يحلو لهم. فــي هذا الكتاب، نعني بإقليم غرب المتوســط، وعلى نحو يقابل شــرق كيلومتر 14 المتوســط، الفضاء الجغرافي الممتد من مضيق جبل طارق (مسافة ، " العتبة الصقلية-التونســية " الفاصلة بين الشــواطئ اإلفريقية واألوروبية) باتجاه ويشمل الدول اآلتية: الجزائر وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا والمغرب وتونس، إضافة إلى ليبيا ومالطا وموريتانيا والبرتغال. ويثير ترسيم حدود اإلقليم على هذا النحو مسألة االنتماء المتعدد. فتنتمي ليبيا وموريتانيا إلى اتحاد المغرب العربي، الذ يشكل مجموعة إقليمية فرعية، فيما ينتمي البرتغال إلى المجموعة الفرعية التي . لذلك، فإن أ " القــوس الالتيني " تمثلهــا جنوب أوروبا، والمســماة أحيانًا بـ اســتبعاد ألحد أعضاء هاتَين المنطقتَين الفرعيتَين من غرب المتوســط سيشكل ، فوق 1988 كانون األول/ديســمبر 22 يتعلق األمر هنا بتفجير طائرة شــركة بان آم األمريكية، في ((( ضحية. ونفت ليبيا مسؤوليتها عن الحادث، ورفضت تسليم مواطنَيها 259 قرية لوكربي (اسكتلندا)، موقعا ، 1992 المشتبهَين إلى العدالة الدولية على الرغم من عقوبات األمم المتحدة التي دخلت حيز التنفيذ عام ، اعترفت ليبيا 2003 . وفي آب/أغسطس 1999 ثم انتهى األمر بمعمر القذافي الحقًا، إلى تسليمهما عام بمسؤوليتها عن الحادث ووافقت على تقديم تعويضات لعائالت الضحايا. يراجَع: Khalil I. Matar and Robert W. Thabit, Lockerbie and Libya: a Study on International Relations (London: McFarland & Company Publishers, 2004) ; Jean-François Marchi, « Le règlement des affaires Lockerbie et du DC 10 d’UTA: indemnités et questions connexes », Annuaire français de droit international, 50, 2004, p. 173-212.

29

Page 1 Page 2 Page 3 Page 4 Page 5 Page 6 Page 7 Page 8 Page 9 Page 10 Page 11 Page 12 Page 13 Page 14 Page 15 Page 16 Page 17 Page 18 Page 19 Page 20 Page 21 Page 22 Page 23 Page 24 Page 25 Page 26 Page 27 Page 28 Page 29 Page 30 Page 31 Page 32 Page 33 Page 34 Page 35 Page 36 Page 37 Page 38 Page 39 Page 40 Page 41 Page 42 Page 43 Page 44 Page 45 Page 46 Page 47 Page 48 Page 49 Page 50 Page 51 Page 52 Page 53 Page 54 Page 55 Page 56 Page 57 Page 58 Page 59 Page 60 Page 61 Page 62 Page 63 Page 64 Page 65 Page 66 Page 67 Page 68 Page 69 Page 70 Page 71 Page 72 Page 73 Page 74 Page 75 Page 76 Page 77 Page 78 Page 79 Page 80 Page 81 Page 82 Page 83 Page 84 Page 85 Page 86 Page 87 Page 88 Page 89 Page 90 Page 91 Page 92 Page 93 Page 94 Page 95 Page 96 Page 97 Page 98 Page 99 Page 100 Page 101 Page 102 Page 103 Page 104 Page 105 Page 106 Page 107 Page 108 Page 109 Page 110 Page 111 Page 112 Page 113 Page 114 Page 115 Page 116 Page 117 Page 118 Page 119 Page 120 Page 121 Page 122 Page 123 Page 124 Page 125 Page 126 Page 127 Page 128 Page 129 Page 130 Page 131 Page 132 Page 133 Page 134 Page 135 Page 136 Page 137 Page 138 Page 139 Page 140 Page 141 Page 142 Page 143 Page 144 Page 145 Page 146 Page 147 Page 148 Page 149 Page 150 Page 151 Page 152 Page 153 Page 154 Page 155 Page 156 Page 157 Page 158 Page 159 Page 160 Page 161 Page 162 Page 163 Page 164 Page 165 Page 166 Page 167 Page 168 Page 169 Page 170 Page 171 Page 172 Page 173 Page 174 Page 175 Page 176 Page 177 Page 178 Page 179 Page 180 Page 181 Page 182 Page 183 Page 184 Page 185 Page 186 Page 187 Page 188 Page 189 Page 190 Page 191 Page 192 Page 193 Page 194 Page 195 Page 196 Page 197 Page 198 Page 199 Page 200

Made with FlippingBook Online newsletter