كتاب غرب المتوسط

من ذلك، يمكن اعتبار مركَب األمن اإلقليمي شــكال من أشكال اإلقليمية التي تقتصر على مجال األمن، في حين تنتمي النظم اإلقليمي إلى اإلقليمية الشــاملة التي تشمل مجاالت مختلفة. وتنظر مقاربة النظم اإلقليمية هاهنا في سبب تكامل هذا اإلقليم أو ذاك أو عدم تكامله والعقبات أو الوسائل/القدرات الكامنة أمام التكامل اإلقليمي؛ لذلك فإن أســئلة لماذا تســبق فيها أســئلة كيف، وإن كانت أســئلة كيــف هذه تقع في صلب التأمالت (البنائيــة) داخل اإلقليمية الجديدة. أما في مفهوم مركَب األمن اإلقليمي، المســتوحاة نسختُه المراجعة من البنائية، فإن األسبقية هي ألسئلة كيف على أسئلة لماذا، حتى مع الغلبة التي يحظى بها المنظور الواقعي. وال يســتند مفهوم مركَب األمن اإلقليمي على تحليل سلسلة العالقات صديق/عدو فحسب، بل على عملتَي األمننة/نزع األمننة أيضًا. ثمــة عالمة أخرى تميز مركَبات األمن اإلقليمية من النظم اإلقليمية إضافة إلى مســألة األمن/التكامل، هو اإلدراك. إذ تفترض النظم اإلقليمية إدراكًا معينًا ومن ثم إدراك الفاعلين – ولمشــروعهم اإلقليمي – من قبل الفاعلين إلقليمهم الحالييــن وإرادتهم المتعلقة بإنشــاء نظم وترتيبات إقليميــة وتنظيمها وجعلها أ بنــاء إقليمهم. أما المركَبات فال يعنيها التكامل، مع ما يصحبه من – تتطــور مشــكالت؛ بل تُعنى بطبيعة األنماط العالئقية، ال ســيما الصراعية منها. لذلك، ليــس اإلدراك والقصديــة هما ما يهم، بل إن أفعال الدول وممارســاتها األمنية وآثارها المتبادلة هي التي تؤد إلى نشوء مركَب أمن إقليمي ما. فال يتعلق األمر في هذه المقاربة، بالنظر في إرادة الدول، الفعلية أو المفترضة، المتعلقة بإدراك فضاء إقليمي ما، وتعيينه، وال حتى بنائه؛ بل إن التفاعالت بين الدول في مجال األمن هي ما يحظى باألولوية. أخيرًا، تشــترك المقاربتان، على الرغــم من غاياتهما المتباينة؛ وهي األمن بالنسبة لمركَبات األمن اإلقليمية، واالقتصاد والبناء المؤسسي (التكامل) بالنسبة )، في أساس نظر مشترك حتى لو كان لكل systèmes régionaux للنظم اإلقليمية ( منهما توجهاتها النظرية الخاصة (الواقعية والبنائية في األولى، والواقعية النسقية والليبرالية والوظيفية (الجديدة) في الثانية). وتستند مركَبات األمن اإلقليمية إلى مقاربتَين هما البنائية والواقعية/الواقعية الجديدة (المساحة الترابية، وتوزيع القوة، وإن كانت تنأى بنفســها عن بعض مســلماتها في الوقت عينه. وفي – وغيرها)

104

Made with FlippingBook Online newsletter