للبحر المتوسط تحديًا كبيرًا يواجه إدارة القضايا األمنية. أوَليس من الحر إذًا بما يتفق ((( التعامــل أو ًلا مع التحديات األمنيــة في كل إقليم فرعي على حدة؟ مع منطق التخصص التدرّجي الذ يســمح بالتركيز على المشــكالت اإلقليمية الفرعية التي يعد حلها شرطًا أساسيًا آلفاق التعاون متعدد األطراف في المتوسط. تتطور الديناميات اإلقليمية الفرعية على نحو مستقل عن السياق المتوسطي الشــامل؛ ذلك ألنها تملك محددات محلية يمكنها أن تتأثر بالبيئة المتوســطية اإلقليمية من دون أن تغيّرها أو تطمس رهاناتها ذات الطابع المحليّ. وفي هذا ومنشأ résilience المســتوى تتسم الضفّة الجنوبية بسِمة صراعية ذات مطواعية س ـ ِمة الصراعية في المتوســط داخلية المنشأ � داخلي في أساســها. ما يعني أن ال وتتطور مستقلة عن التغيرات في النظام الدولي، ما يؤكد أهمية التحليالت التي قدمهــا بينــدر قبل أكثر من نصف قرن؛ بحيث أفاد بأن األقاليم تملك دينامياتها . ((( الخاصة التي تميزها من جوارها ومن النظام الدولي والتناقض صارخ أيضًا بين الضفّتَين حين يتعلق األمر بمســائل إرساء الثقة واألمن، بفعل المسارات المتباينة التي اجتازتها كل منهما. يقول سير سور إن ضمن إطار " الثقة التي تجسدت " الســياق األوروبي شــهد تطورًا مختلفًا؛ إذ أن للتحوالت " يعود لها الفضل في الطابع الســلمي " عملية هلســنكي، هي التــي التي عرفتها أوروبا (سقوط جدار برلين، وإعادة توحيد ألمانيا، وتفكك االتحاد السوفياتي). أما في األقاليم التي لم تتأثر بهذه العملية أو التي لم تشهد دينامية مماثلة (يوغوسالفيا الســابقة، والشرق األوسط، وإفريقيا وغيرها)، فقد اتسمت . ينبغي هاهنا التأكيد أن العاملَين اللذين سمحا بانبثاق أمن ((( التحوالت بالعنف تعاونــي داخــل أوروبا وتحققه في آن واحد ممث ًلا فــي منظمة األمن والتعاون فــي أوروبا، وأعني بهما اإلدراك المتبادل للوضع اإلقليمي القائم وقتها وتوازن القــوى، لم يتوفرا في المتوســط. لكن ذلك لم يحــل دون أن تؤثر المبادرات األمنيــة في المناخ اإلدراكي داخله. وال يزال يتعيّن القيام بما هو أساســي: أال (1) Calleya, Security Challenges in the Euro-Med Area, op.cit., p. 4, 6. (2) Binder, « The Middle East as a Subordinate International System », art.cit., p. 412- 414. (3) Serge Sur, « L’entreprise du désarmement au péril du nouveau contexte international de sécurité », Annuaire français de relations internationales, V, 2004, p. 738.
116
Made with FlippingBook Online newsletter