كتاب غرب المتوسط

((( وهو العمل على تسوية النزاعات التي لم تحل بعد في اإلقليم. إلى جانب ذلك، ينبغي أن ننتبه إلى أهمية المتغير اإلقليمي الذ يمكن أن يحــد من اآلثــار المرتبطة بنهاية الحرب الباردة ألنها لم تكن محددًا في المقام سـ ِمة الصراعية بالضرورة. فقد لحظ بوزان وويفر أن معظم الصراعات � األول لل في الشرق األوسط ال ترتبط بالحرب الباردة ابتداءً، ال عجب إذًا أنها استمرت والواقع أن الديناميات الصراعية الناشئة من اإلرث االستعمار ((( مشتعلة لليوم. (التقســيم اإلقليمي الذ قامت به القوتان البريطانية والفرنســية)، والصراعات بين دول ما بعد االستعمار وداخلها، ال تزال تسِم هذه المنطقة على الرغم من . ((( االعتماد المتبادل ما بين المحلي والعالمي فيها تتســم الصراعات في المتوســط بأنها محلية الطابع وال تشــكل بؤر توتر حقيقية على النطاق اإلقليمي؛ فهي تتطور على نحو مستقل عن السياق المتوسطي الشامل ألن لها محددات محلية حتى وإن أمكن أن تتأثر هذه المحددات بالبيئة اإلقليميــة. ويعد الصراع العربي-اإلســرائيلي بؤرة التوتــر الوحيدة التي تخترق اإلقليم المتوســطي بحق وتتجاوزه برمته لتؤثر في النظام الدولي. ويشــكل هذا الصــراع العقبة الكؤود التي تتعثر على صخرتها جميع مبادرات األمن اإلقليمي في المتوســط (عملية برشلونة، والحوار المتوســطي لحلف شمالي األطلسي، ومبــادرة منظمة األمــن والتعاون في أوروبا وغيرهــا). وجميع الصراعات هي جنوب، باستثناء الخالف الحدود اإلسباني المغربي (سبتة – ذات سمة جنوب ومليلية، إلخ)، والصراع على قبرص بين اليونان وتركيا. وهذا الصراع الثاني يعد خاصًا إلى حد ما، ألن طرفَيه من الدول األعضاء في حلف شــمالي األطلسي، الذ تفتقر إليه الصراعات األخرى. " الضبط-االنضباط " ومنه خضوعه لنوع من وفي مثل هذه التشكيلة المعقدة، يصعب استخدام العدسة نفسها لفهم قضايا بهذا القدر من التنوع واالختالف بعضها عن بعض (الصحراء الغربية والشــرق (1) Benantar, « Quelle architecture de sécurité pour la Méditerranée ? », art.cit.,p. 146. (2) Buzan and Wæver, Regions and Powers, op.cit., p. 201. (3) Blanc et Chagnollaud, Violence et politique au Moyen-Orient, op.cit. ; Bozarslan, Une histoire de la violence au Moyen-Orient: de la fin de l’Empire ottoman à al-Qaïda, op.cit., Alain Dieckhoff et Riva Kastoryano (dir.), Nationalismes en mutation en Méditerranée orientale (Paris: CNRS Éditions, 2002).

117

Made with FlippingBook Online newsletter