كتاب غرب المتوسط

يمكــن تفســير هذا المقاربة الجديــدة التي تبنتها أوروبا وحلف شــمالي األطلســي بخصوص الضفــة الجنوبية بعدة أســباب. أو ًلا ، رغبتهما في طمأنة البلــدان المغاربيــة، وخاصة عبر التوضيح أن إعادة انتشــار قواتهما في اإلقليم ليســت على حسابها، وتبديد أ سوء فهم، وتصحيح األفكار التي تُعتبر خاطئة عن حلف شــمالي األطلســي وأنه ال يرى فيها خصمًا جديدًا بعد زوال التهديد على حساب الجنوب – السوفياتي. ثانيًا، بعد األهمية الكبرى التي مُنحت للشرق أدرك كالهمــا ضرورة اتخــاذ مبادرات في اتجاه الجنوب ألن أمنهما مرهون – بذلك. ثالثًا، الدور المزدو الذ أنيط بعملية السالم العربية اإلسرائيلية: إذ أتاح انطالقها إطالق المبادرات المتوسطية التي جعلت من اكتمال عملية السالم هدفا الحقًا لها، فقد كان تصور الدول الغربية يقوم على عد هذه المبادرات وســيلة لتيســير عملية التطبيع مع إسرائيل واســتكمالها أيضًا. رابعًا، إعادة التأكيد على الفكــرة القديمة عن الصلة الوثيقة التي تتزايد أهميتها بين األمن في المتوســط واألمــن فــي أوروبا. فهذا الرابط، الذ اعترفت بــه منظمة األمن والتعاون في أوروبا منذ إنشائها، يشكل األساس الذ تستند إليه كل مبادرات المتوسط التي . خالصة القول إن هذه المبادرات ((( أطلقتها أوروبا وحلف شــمالي األطلســي 2001, p. 83-89 ; Ian Lesser et al., The Future of NATO’s Mediterranean Dialogue: Perspectives on Security, Strategy and Partnership, GMF, June 2018 – https://cutt.ly/8kfHWwg [consulté le 20/07/2018]. تمثل الصلة بين األمن في أوروبا والمتوســط عنصرًا مهيكال لمدركات أوروبا والحلف األطلســي ((( ): «يرتبط األمن في أوروبا (...) ارتباطًا 1975 وسياساتهما إزاء المنطقة. ورد في وثيقة هلسنكي النهائية ( وثيقًا باألمن في منطقة المتوســط بأكملها، بحيث ال ينبغي أن تقتصر عملية تحســين األمن على أوروبا، بل ينبغي أن تمتد إلى أجزاء أخرى من العالم وبخاصة منطقة المتوسط». Acte final d’Helsinki, OSCE, p.42 – https://www.osce.org/fr/mc/39502 شــكّل هــذا االرتبــاط موضوعًا تقاربت فيه وجهات النظر في الجانبَين. على ســبيل المثال، أصر الوفد الجزائر ، خالل العملية التحضيرية لمؤتمر هلســنكي، على عدم قابلية األمن في المتوســط للتجزئة: «ســيكون من الخطأ االعتقاد أن أوروبا ســتحل مشــكلة أمنها ومشكلة السالم بوساطة حوار داخلي. ما يشي أيضًا بالطبيعة الفجة والمصطنعة لهذه التجزئة للسلم تبعًا للمناطق، بل وبحسب المشكالت». نقال عن: Jacques Freymond, « L’espace méditerranéen », Annales d’études internationales, 6, 1975. p. 16.

133

Made with FlippingBook Online newsletter