مــن المالحظات. أوالً، يختلف غرب المتوســط عن الحوض الشــرقي ويبدو فضاء مســتقرًا نســبيًا في ظل غياب التهديدات الرئيســة (مثل انتشــار أسلحة الدمار الشــامل)، أو بؤر التوتر المركزية (مثل الصراع العربي-اإلسرائيلي). أما النزاعات الحدودية فهي منخفضة الحدة (الخالفات اإلســبانية-المغربية). يمايز س ـ ِم غرب المتوســط والمكوّن المغاربي بوضوح ما بين الحوض � التفرّد الذ ي الغربي والحوض الشــرقي، حتى وإن كانــت تداعيات األزمة الليبية وآثار عدم االســتقرار في إقليم الســاحل تبدِل المشهد األمني في المنطقة المغاربية. ثانيًا، – ما مِن تهديدات اســتراتيجية وجودية في غرب المتوســط في بعدَيه شــمال جنوب على حد الســواء؛ إذ ما مِن دولة ترى بقاءها مهددًا – جنوب وجنوب . ((( من قبل دولة مجاورة. ثالثًا، يتســم الفارق االســتراتيجي بأنه ذو طابع بنيو رابعًا، يتميز المتوسط بغياب الترتيبات األمنية، ما يساعد في زيادة انعدام األمن فــي اإلقليم ويعيق اإلدارة الفعالة لمختلف مصــادر التهديدات (مثل المطالب الحدودية، واإلرهاب، وانتشــار أســلحة الدمار الشــامل، والتوتــرات اإلثنية، وانتهاكات حقوق اإلنســان، والهجرة غير الشــرعية، وتغير المناخ، والصراعات . لكن البناء المؤسساتي اإلقليمي وحده (مثل منظومات ((( على الموارد الطبيعية) األمــن، وآليات األمن التعاوني وغيرها) يســتطيع تهيئة الظروف المواتية إلدارة منســقة لهــذه التوترات، إن لم تكن إدارة جماعيــة، ومنع أ نزع سالح يكون غير متكافئ، والعمل على أن يكون عدم انتشــار أســلحة الدمار الشامل حقيقيًا وغير تعســفي في المنطقة؛ ما يضمن لجميع الدول أمنًا غير منقوص. وما دام االختالل العسكر يصب في مصلحة الدول األوروبية وإسرائيل وأنه ما مِن جهة تطالب بتكافؤ استراتيجي، فإن التشييد األمني اإلقليمي وحده – وعربية – مغاربية . وحتى ((( يمكنه الوقاية من مخاطر الصراعات و(إعادة) إرساء الثقة وبناء األمن اليوم، لم يتمكن القائمان على بناء/ صنع األمن في إقليم المتوسط، وأعني بهما حلف شمالي األطلسي واالتحاد األوروبي، من التأثير في بؤر التوتر في اإلقليم. (1) Abdennour Benantar, « Méditerranée occidentale : un espace de sécurité euro-maghrébin ? », dans Benantar, Europe et Maghreb, op.cit., p. 177. (2) Calleya, Security Challenges in the Euro-Med Area, op.cit., p. 7, 9-10. (3) Benantar, « Quelle architecture de sécurité pour la Méditerranée ? », art.cit.,p. 136.
141
Made with FlippingBook Online newsletter