كتاب غرب المتوسط

مقاربة شــاملة تهدف إلى التعامل مع اإلقليم كله (المتوسط الجيوسياسي)، كما في حالة الشراكة األورومتوسطية، بل وكما في سياسة الجوار األوروبية. ويقوم الثانــي، من جانبــه، على إعادة التركيز على فضــاء أضيق مع عدد محدود من الفاعلين. وغرب المتوســط هو المثال الحق على ذلك. ال تســتبعد المقاربتان إحداهما األخرى، بل كان اطالقهما قد جرى بالتواز تقريبًا؛ وهما، في بعض النواحي، تملكان تســويغًا يبررهما. لكنهما مع ذلك تثيران مســألة االزدواجية. إضافة إلى ذلك، فهما تسمحان لمختلف الفاعلين باستخدام الكثير من العروض اإلقليميــة مثل قطع غيار؛ التي تعني إمكانية التخلي عن مبادرة تواجه صعوبات أو تتطلب جهودًا لفائدة أخرى قبل أن يتم التخلي عنها هي األخرى عند أدنى عقبة، وهكذا دواليك. أفضى هذان االتجاهان إلى دينامية التوسيع/عودة التركيز التي يكشف عنها مثال غرب المتوســط. ويعود هذان االتجاهان إلى عاملين: أحدهما هو وضوح االختالفات ما بين حوضَي المتوسط؛ إذ يختلف الحوض الغربي عن الحوض جنوب على حد – جنوب وجنوب – الشرقي من الناحية األمنية، في بعدَيه شمال السواء؛ فال يشكل منطقة عدم استقرار بخالف الحوض الشرقي. ويعرف البعد الثاني فيه درجة أعلى من التماســك مقارنة بالحوض الشرقي، ألسباب تاريخية وجغرافية. ويتمثل العامل الثاني في أن استراتيجيات الفاعلين هي التي تدفعهم، وفق مصالح اللحظة، إلى اختيار إحدى المقاربتَين، الشاملة أو المحدودة. ، وهو ما ســنتناوله 5 + 5 تكشــف حــاالت التردد التــي واجهتها مجموعة في الفصــل الخامس، عن دينامية االرتباط/فك االرتباط بين الحوضَين الغربي والشــرقي، والتأثير الســلبي لتكاثر الترتيبات في المتوســط. عُلِق العمل بهذه في إثر قضية لوكربي، وفي سياق إقليمي اتسم بمدركات 1992 المجموعة عام 1995 التهديد المتبادل وباألزمة الجزائرية. وحين انطلقت عملية برشــلونة عام بما أثارته من حماس، انخرطت دول غرب المتوســط في إطار إقليمي شــامل بــدا واعدًا وقتها، مبتعدة عن مبادرتها المحلية في ســياق إقليمي موات (ميّزته . وبهذا المعنى، يمكن القول إن تأثير الشراكة األورومتوسطية ((( دينامية أوســلو) (1) Benantar, « Méditerranée occidentale : un espace de sécurité euro- maghrébin ? », op.cit., p. 193.

143

Made with FlippingBook Online newsletter