وجــود المنظمات اإلقليمية، ومدركات التهديد األمني، والروابط الجيوسياســية والتاريخيــة والثقافيــة التي يمكن أن توجد بين أعضائهــا. وهكذا فإن الروابط االقتصاديــة بين أعضاء مركّب األمن اإلقليمــي تحدد العالقات التي يمكن أن توجد بينهم وتؤثر فيها. وفي غرب المتوســط، تعد العوامل االقتصادية حقائق بــارزة وتأثيرها غالب ألن دول اإلقليم منخرطة في اعتماد متبادل وإن كان غير متــوازن. وتوجــد البلدان المغاربية في حالة تبعية للــدول األوروبية في مجال استيراد السلع المصنعة وتصدير المنتجات الزراعية والمنسوجات، بينما األخيرة . ((( في حالة تبعية لألولى في مجال الطاقة تكمن خصوصية مركَب األمن اإلقليمي الغرب متوســطي، على المستوى االقتصــاد ، في أن العالقــات بين البلدان المغاربيــة ودول جنوب أوروبا ال تحكمها أطر ثنائية، بل ترتيبات جماعية وضعها االتحاد األوروبي. لكن الثنائية ، حيث تتعاون الدول المغاربية " 1 + 27 " راســخة ما دام التعاون يخضع لصيغة مع االتحاد األوروبي متفرقة الشمل... هذه الغلبة القوية للعامل االقتصاد في مركَب األمن اإلقليمي المتوسطي سببها الطبيعة االقتصادية للقوة األوروبية وما ينتج منها من تبعية تعانيها الضفة الجنوبية، لكنها غلبة ال توفق في التحكم في األمننة الجارية في العالقات األورومتوسطية أو في احتوائها. وبهذا المعنى، فإن تأكيــد عمليــة األمننة وتجريم الهجرة يؤديان، تدريجيًا، إلى نوع من التحوّل في مركَب األمن اإلقليمي الغرب متوسطي. وهكــذا فمهما كان العامل االقتصــاد كثيفًا، يمكن أن يطغى عليه األمن في النهاية. فالقطاع االقتصاد ربما يهيمن على المركَب األمني المتوسطي على ســبيل المثال، لكن ثمة أيضًا مخاوف وتوجســات، وآثار خارجية أمنية تتجاوز فاالهتمام الذ توليه دول جنوب أوروبا لجوارها المغاربي ((( اآلثار التي تخترقه. اليــوم إنما تحركه االعتبارات األمنية أكثر مما تحركه المســائل االقتصادية؛ مع منظــار مزدو قوامه الهجــرة واإلرهاب. لكن هذه المخاوف األمنية تظل ذات طبيعة غير دولتية. (1) Ibid., (2) Balzacq, « La politique européenne de voisinage, un complexe de sécurité à géométrie variable », art.cit., p. 56.
157
Made with FlippingBook Online newsletter