كتاب غرب المتوسط

ينبغي التعامل معهما. أوالهما أن التعريفات كثيرة بقدر كثرة المؤلفين. وثانيتهما أن إبقاءنا على تعريف محدد واعتمادنا عليه تفرضه الضرورة المنهجية، مع شد االنتباه إلى أن سرد عدد ال ينتهي من التعريفات لن يقلص بأ حال من التباين واالرتبــاك على الصعيد المفهومي. يضاف إلــى هاتَين الصعوبتَين صعوبة ثالثة : إذ تتطور ((( أشد عمومية، تتعلق بالمفاهيم المركزية في حقل العالقات الدولية التحليالت والمناقشــات في هــذا الحقل ويتطور معها الســياق الدولي؛ فيعاد النظــر فــي المفاهيم القديمة وتُقترح أخرى جديدة. وغني عن البيان أن اإلغراء المجال، فاقترحا طريقًا، اعتمدها بعض الباحثين للتعامل مع هذا األمر. وعلى النحو الذ أســهب فيه ، ال يقدم تعريفًا واضحا World of Regions بوزان، لحظا أن الكتاب الرائد الذ نشره بيتر كاتزنشتاين، جداً. وهي الحال أيضًا بالنســبة للكتب األخرى التي تتناول الهندســة المؤسســاتية للمناطق ودورها في السياســة الدولية. إذ يعرّف بعض المؤلفين األقاليم، بحســبهما، بطريقة شــديدة التجريد من دون تعيين جغرافــي واضــح، أو يختــارون تعريفات مقيِدة جدًا، بناء على قدرات إبــراز القوة، ما ينتهي إلى تعداد الكثير من األقاليم الصغيرة. ويثير ســؤال تعريف اإلقليم، من وجهة نظرهما، مشــكالت عملية وإمبريقية كثيرة: فهل ثمة إقليم آسيو أم أقاليم آسيوية مختلفة (جنوب آسيا، شرق آسيا، جنوب شرق آسيا، آسيا الوســطى)؟ وهل المكســيك جزء من أمريكا الشــمالية أم من أمريكا الالتينية؟ وهل ثمة إقليم واحد في أمريكا الالتينية أم ينبغي التمييز بين أمريكا الجنوبية وأمريكا الوســطى وأمريكا الشــمالية؟ وكيف تؤثر التفاعالت بين القوى في األقليم في تعيين حدودها. وعلى الرغم من أن فليمَس ونولت يقترحان تعريفهما الخاص لإلقليم، أ بوصفه «نظامًا فرعيًا محددًا من الناحية الجغرافية ضمن نظام شامل، يتكون من دول Hemmer( متاخمة»، فإنهما يعتبران أن البعد الجغرافي يتضمن بُعدًا سياسيًا أيضًا. كان هامر وكاتزنشتاين ، من جهتمهما، محقين حين اعتبرا أن «األقاليم غالبًا ما توصف بمصطلحات جغرافية، )et Katzenstein لكنها [على الرغم من ذلك] تعد ابتداعات سياسية وليست ثابتة ثبات الجغرافيا». مم يتكون «هذا البعد س ـ ِم اإلقليم إذًا»؟ يتســاءل فليمَس ونولت: هل هو األمن، مثلما يحا بوزان وويفر، أم � السياســي الذ ي إدارة النظــام اإلقليمــي، مثلمــا يؤكــد اليك ومورغان؟ ... ثم يخلصان إلى أن الفشــل في التوصل إلى تعريف واضح لما يشكل إقليمًا ال يثير إشكالية حادة؛ ألن االهتمام في جزء كبير من األدبيات ال ينصب على األقاليم بالمعنى المجرد، بل الشواغل البحثية لدى الباحثين هي التي تحددها وتعرِفها. يراجَع: Daniel Flemes and Detlef Nolte, « Introduction », in Daniel Flemes (ed.), Regional Leadership in the Global System: Ideas, Interests and Strategies of Regional Powers (Farnham: Ashgate, 2010), p. 2-3. نستخدم عبارة حقل العالقات الدولية لإلحالة إلى التخصص النظر أو العلم، وعبارة العالقات ((( الدولية لإلحالة على العالقات بين الدول.

14

Made with FlippingBook Online newsletter