كتاب غرب المتوسط

لقد خلق القرب الجغرافي والعوامل التاريخية شــبكة قوية من التفاعالت التي انتهت إلى حساسية متبادلة قوية تجاه التطورات الجارية على جانبَي البحر ) MENA المتوســط. فديناميات التسلح في إقليم الشرق األوسط وشمال إفريقيا ( تؤثــر في مدركات التهديد في أوروبا حتى وإن كانت تخضع العتبارات خاصة بهذا اإلقليم. فال يمكن ألوروبا أن تبقى غير مبالية بالتطورات في هذا المستوى على الرغم من أنها ليســت معنية على نحو مباشــر، بل وأقل تعرضًا للتهديد. وبالمثــل، فــإن البلدان الواقعــة على الضفة الجنوبية لن تقــف غير مبالية أمام مبــادرات أوروبية معينة تراها ذات طبيعة تدخلية (مثل ردات الفعل على نشــر القوات األوروأطلســية في المتوســط في تســعينيات القرن العشرين والتدخل ). وبالنظر إلى وجود تداخــل أمني معين في 2011 العســكر فــي ليبيا عــام ) seuil d ’ indifférence المتوسط، ال سيما في الحوض الغربي، فإن عتبة الالمباالة ( بين المركَبَين األمنيَين تعد منخفضة، من دون أن يؤد ذلك إلى التشويش على الحدود الفاصلة بينهما أو تقويضها. بيد أن بوزان، ومثلما يتضح في نموذجه النظر الذ نوقش في الفصلَين السابقَين، يقول إن ما يميز مدركات الدول المنتمية إلى مركَب ما ومواقفها تجاه الالمباالة " . وال تنطبق ((( " الالمباالة النســبية " التطــورات الخارجية يرتكز على ، إذًا، على غرب المتوسط ألن القرب الجغرافي وكثافة التبادالت أنتجت " النسبية شبكة كثيفة من التفاعالت أفضت إلى حساسية متبادلة قوية تجاه التطورات على جانبَي البحر المتوسط. وبالنظر إلى التداخل األمني المتزايد، تعد عتبة الالمباالة بين المركَبات الفرعية في المغرب العربي وجنوب أوروبا منخفضة حتى مع كون الشرق – المتوســط شــرخًا/اتصا ًلا بين مركَبَين أمنيَين إقليميَين غير متجانسَين األوســط (المجزأ) واألوروأطلســي (المندمج). ومع ذلك، فإن هذه التشكيلة المتوســطية، التي تتســم بتصدع أمني، ال تعني بالضرورة فكًا الرتباط الشواغل ، التي تتداخل بسبب الجوار الجغرافي والطابع شبه العالمي ((( والمصالح األمنية للمصالح األوروبية. (1) Buzan, People, States and Fear, op.cit., p.139. (2) Benantar, « Complexe de sécurité ouest-méditerranéen : externalisation et sécurisation de la migration », art.cit., p. 64-65.

158

Made with FlippingBook Online newsletter