كتاب غرب المتوسط

االقتصادية والعسكرية. خالصة القول إن المشــهد األمني في المتوســط يتسم بالتعددية، لكن مع وجود صالت قوية تربط بين هذين المركَبَين (الشرق األوسطي واألوروبي) من جهــة، والمركَبات الفرعية في اإلقليم من جهــة أخرى. فالمركَبات الفرعية في الشــرق األوســط تجر فيها تفاعالت أمنية تتباين مع نظيرتها في مركَب األمن اإلقليمي األوروبي. وفي هذا النمط االستراتيجي المتداخل، تحديدًا، يبرز غرب المتوســط بخصوصيته المزدوجة: أوالً، الكثافــة العالية للتفاعالت والتبادالت (السياســية واالقتصادية واألمنية والثقافية، إلخ) وحركة األشخاص بين ضفتَيه؛ وثانيًا، الســمة الصراعية متدنية الحدة مقارنة بالشرق األوسط ككل، سواء أكان على النطاق المغاربي أم األورومغاربي. وباســتثناء التنازع اإلســباني-المغربي ، ما مِن توتر ماد يُذكر بين ضفتَي الحوض الغربي. ((( (على الجيوب والجزر) يبدو واضحًا مما ســبق، أن أنماط العالقات األمنية في غرب المتوســط معقدة وال يمكن اســتيعابها وفقًا لثنائية صديق/عــدو التي تنتظم وفقها مقاربة مركَبات األمن اإلقليمية عند مدرســة كوبنهاغن. إذ يُبني مركَب األمن اإلقليمي الغرب متوسطي على نمط آخر هو نمط المنتمين/غير المنتمين. المركَب األمني الغرب متوسطي: منتمون/غير منتمين وليس صديق/عدو أصو ًلا بنائية ألن " يقــول بــوزان وويفر إن لمقاربة مركَبات األمن اإلقليمية تشــكلها وعملها يعتمدان على أنماط الصداقة/العداء بين الوحدات في النظام، مما يجعل النظم اإلقليمية مرهونة بأفعال الفاعلين وتأويالتهم، ال مجرد انعكاس . وقد سمحت المرجعية البنائية لهذا المقاربة باإلفالت من منظار " لتوزيع القوة . لذلك ((( الواقعية (والواقعية الجديدة) ومن منطقهما ذ الطابع الميكانيكي أحيانًا جنوب، هو النزاع بين ليبيا ومالطا بشأن – كان الخالف الحدود الوحيد اآلخر في البعد شمال ((( ترسيم حدود الجرف القار ، وقد جرت تسويته بعد اتفاق ثنائي على تنفيذ حكم محكمة العدل الدولية ) الذ حصل عليه البلدان. بشأن هذا الحكم يراجَع: 1985 (في حزيران/يونيو Emmanuel Decaux, « L’arrêt de la Cour internationale de Justice dans l’affaire du plateau continental (Libye/Malte) : arrêt du 3 juin 1985 », Annuaire français de droit international, (31), 1985, p. 294-323. (2) Buzan and Wæver, Regions and Powers, op.cit., p. 40

161

Made with FlippingBook Online newsletter