كتاب غرب المتوسط

بتفــاعالت أمنية مكثّفة، خاصة في ما يتعلق بالمركَب األوروبي، وهو أمر يعني أن استقاللية قوية للتفاعالت األمنية في غرب المتوسط صعبة التحقق. صحيح أن األمن القومي لبعض الدول يمكن فهمه مستق ًلا عن أمن دول أخرى، ألسباب مختلفة (مثل االنتماء إلى مركَبَي أمن إقليمي مختلفَين، والفارق العســكر بين الضفتَين، والطبيعة المحلية في جوهرها لمدركات التهديد في المغرب العربي، وغيرها)، لكن التفاعالت األمنية هي ذات بُعد رأسي فعلي ينتج منه اعتماد أمني متبــادل، مثلما تثبته مدركات التهديد ومحاوالت تحديد التهديدات المشــتركة. كـ َب الغرب متوســطي، إذًا، عن المجموعــات األخرى، ومنه هذا � يتبايــن المر ؛ وهو اختالف يتخذ صفة ((( االخــتالف في الطبيعة الذ يميّز غرب المتوســط األمــن المجتمعي على نحو متزايد. أخيرًا، فإن زيادة االعتماد األمني المتبادل، والطبيعة المنتشــرة، والمتقلبة، والمتحركــة للتهديدات تجعل التحديد الوظيفي لمركَب األمن اإلقليمي الغرب متوسطي أمرًا صعبًا إلى حد ما. ومن هنا يتأتّى ارتباطه بإقليم الساحل؛ األمر الذ يفضي، تدريجيًا، إلى نوع من المركَب األمني جنوب أوروبا-المغرب العربي-الساحل. تنضم هذه – الثالثي في طور التكوين الدينامية الجديدة إلى دينامية أخرى تعتمل منذ سنوات، وأعني بها التحام المركَب المغاربي الفرعي بمركَب األمن اإلقليمي األوروبي عبر مركَب غرب المتوسط. هل البعد المجتمعي لألمن كاف للتأسيس لمركَب أمن إقليمي في المتوسط؟ يرى كتاب مدرســة كوبنهاغن أن مشــكالت األمــن المجتمعي ودينامياته تلتحم بمركَبات أمنية تتأســس على القطاعَين السياســي والعســكر . فإذا لم يهيمن هذان القطاعان فستفقد مركَبات األمن اإلقليمي من تماسكها. أما قضايا . في غرب المتوســط، ينخرط ((( األمن المجتمعي فتتولّد عنها ديناميات األقلمة بفعل منظار الهجرة. كتب بوزان ((( " أمننة المغرب العربي " االتحاد األوروبي في (1) Ibid., p. 65. (2) Buzan, Wæver and de Wilde, Security: a New Framework for Analysis, op.cit., p. 126, 133. (3) Emmanuel Adler and Beverly Crawford, « Normative Power: the European Practice of Region-Building and the Case of the Euro-Mediterranean Partnership », in Adler, The Convergence of Civilizations: Constructing a Mediterranean Region, op.cit., p. 39.

165

Made with FlippingBook Online newsletter