كتاب غرب المتوسط

نتساءل عن الفائدة من عملية ثانية للمراقبة البحرية والجوية في غرب المتوسط. والحق أنه ال مفر حينها من هذه االزدواجية ما دام موضوع األمن سمة مشتركة في مختلف العمليات اإلقليمية الســارية في المتوســط. لغياب التقسيم المنسق للعمل، الذ يستند إلى القيمة المضافة لكل ترتيب إقليمي، ستزيد االزدواجية . ومن هنــا، تحديدًا، تتأتى الحاجة إلى مقاربــة إن لم تكن جديدة ((( ثـّف � وتتك فمعدَلــة؛ بحيث تكون قادرة علــى التأثير في ديناميات االزدواجية المتولّدة من المركزية التي تحظى بها موضوعات الهجرة واإلرهاب. سياق إقليمي غير مستقر/تنافسي وحدود متأصّلة وحتى يكتمل المشهد، ينبغي لنا أن نقيم هذه الجوانب اإلشكالية المتنوعة في صلتها بالسياق اإلقليمي (المتوسطي) الذ يتسم بالتنافسية وانعدام االستقرار في آن واحد. ال يمكن التقليل من شأن المهمة العملياتية التي تضطلع بها مبادرة دفاع، حتى وإن كانت محدودة. في مقابل ذلك، فإن إسهامها اإلقليمي في 5 + 5 إدارة األزمات والوقاية منها يكاد يكون معدومًا. والعوامل المتأصّلة في تصميمها وبيئتها االستراتيجية هي التي تجعل إسهامها إن لم يكن ضئيال، فعلى األقل غير مؤكد. إذ تهدف هذه العملية اإلقليمية التي تختص بمنطقة غرب المتوسط إلى بناء فضاء يقوم على األمن اعتمادًا على التأثير في المدركات بوســاطة التعاون العملي. لكن القاسم المشترك األدنى للتوافق بينها من جهة، واألولويات المتباينة لدولها األعضاء من جهة أخرى، يعني أن ثمة حدودًا معينة في التعاون ال يمكن تجاوزها. إذ تفضل الدول األوروبية االتحاد األوروبي وحلف شمالي األطلسي الفاعلون الذين يُفترض أنهم يتحملون مســؤولية تعزيز األمن التعاوني ودعمه في المتوســط هم ((( الحلــف األطلســي واالتحاد األوروبي ومنظمة األمن والتعــاون في أوروبا، ويعملون على نحو تكاملي (بحيث تعمل كل مؤسســة في الميدان الذ تملك فيه قيمة مضافة). واختصاصات الحلف األطلســي ومنظمة األمن والتعاون في أوروبا في هذا الشــأن واضحة. يواصل االتحاد األوروبي تولي مســؤولية الجوانب االجتماعية واالقتصادية والسياسية، فيما يتحمل الحلف األطلسي تلك المتعلقة باألمن (إرساء الثقة واألمن، والتشــغيل البيني، والســيطرة الديمقراطية على القوات المســلحة، وإصالح الدفاع، وغير ذلــك)، أمــا منظمــة األمن والتعاون في أوروبا فتتحمل المهمات التــي تتعلق بالوقاية من الصراعات أو إدارتها، بل وتنفيذ تدابير بناء الثقة واألمن.

238

Made with FlippingBook Online newsletter