كتاب غرب المتوسط

يتعلق األمر في نهاية المطاف بتراكب من نوع جديد. وهو تراكب ال تجر مقاومتــه بــل يبدو أن الدول األعضاء في هذا المركَب األمني توافق عليه، حتى وإن كانت مصالح المكوّن األوروبي فيه ال تتطابق بالضرورة مع مصالح المكوّن المغاربي المتشــظي. كما أن هذا التراكب يمكّن، على نحو ما، من المضي في ترتيب إقليمي يتوافق مع الواقع الغرب متوسطي، ويتجاوز التشتت الذ يعانيه س ـ ّم المنطقة المغاربية � المغــرب العربي. فقد ذكرنا آنفًا أن االتحاد األوروبي يق إلى ثالث دوائر: فترتبط ثالثة بلدان بالشــراكة األورومتوســطية وسياسة الجوار األوروبية (الجزائر والمغرب وتونس)؛ وثمة بلد شريك في مجموعة دول إفريقيا والكاريبــي والمحيط الهادئ (موريتانيا)؛ وبلد ليســت له روابط مؤسســية مع االتحاد األوروبي (ليبيا). فكيف التعامل، داخل إطار غرب المتوسط، مع مغرب س ـ ّم إلى ثالث كتل على أنه مجموعة واحدة؟ ويُســتخدَم معيار األمن � عربي مق والهجرة لبلوغ هذا األمر. وال يغيّر هذا االختالف في طبيعة التراكب من أساسه الذ يستند إليه: فاالتحاد األوروبي منخرط في توازن قو مع شركائه، الذين يهيمن عليهم بمقومات قوته وغلبة المقاربة الثنائية في العالقات األورومغاربية. . لكن جيرانه ليسوا ((( لذلك فهو يمارس القوة على الرغم من أنه يُعد قوة معيارية محرومين من هامش الحركة بالكلية، وهم فوق ذلك ال يقفون جميعًا الموقف نفسه: فهم يتخذون خيارات متباينة، ولبعضهم أدوات تسمح لهم بالمناورة وصد االتحاد األوروبي، أو التخفيف على األقل من آثار عالقات القوى غير المتوازنة.

عن أوروبا بوصفها قوة معيارية يراجَع: ((( Zaki Laïdi, La norme sans la force : l’énigme de la puissance européenne, Paris, Presses de Sciences Po, 2013 ; Manners, « Normative Power Europe: a Contradiction in Terms? », art. cit., p. 235-258; Ian Manners, « The Normative Ethics of the European Union », International Affairs, 84 (1), 2008, p. 65-80; Zaki Laïdi (ed.), EU Foreign Policy in a Globalized World: Normative Power and Social Preferences (London: Routledge, 2008).

249

Made with FlippingBook Online newsletter