كتاب غرب المتوسط

دولتية المنشــأ في أساســها على الرغم من أنها تتطلب استجابات عسكرية في بعض األحيان. ويعمل المركَب األمني الغرب متوسطي (جنوب أوروبا والمغرب العربي) بوصفه محفّزًا لهذه الدينامية من الهجرة واألمن التي هي جزء من عملية توســيع لحدود االتحاد األوروبي األمنية باتجــاه الجنوب. ويحيلنا األمر هاهنا على مسألة التراكب الذ يمارسه االتحاد األوروبي على مركَب األمن اإلقليمي ) من 5 + 5 الغرب متوسطي، بحيث يؤثر ذلك في موقع العملية الغرب متوسطية ( هذه التشكيالت التطورية. بافتراض أن األقاليم مبنية اجتماعيًا، يمكننا القول إن بناء غرب المتوســط اجتماعيًا بدأ منذ نهاية ثمانينيات القرن العشــرين، وأن نهاية الحرب الباردة هي التي أثّرت في مدركات الفاعلين. وســريعًا ما تطورت هذه المدركات وانتقلت مــن انعــدام الثقة ومــن الريبة إلى التعاون األمني. هذا التطــور تعبير أيضًا عن الوعي بالحاجة إلى البناء اإلقليمي مثلما يشــهد على ذلك تطور العملية الغرب متوســطية. إذ تمأل هذه العملية فراغًا فــي اإلقليم وتلبي التوقعات ذات الصلة بنفسها عن الحوض الشرقي 5 + 5 باألمن. وقد نأت الدول األعضاء في مجموعة للبحر المتوســط على نحو ما، فحافظــت بذلك على سالمة مقاربتها التعاونية، األضيق جغرافيّا، من التقلبات السياســية واألمنية التي يعرفها الشــرق األوسط. واليوم، تصب األنشــطة المختلفة التي تقوم بها هذه الدول في تطوير المبادرة دفاع، وهو ما يمنح اإلطار الغرب متوسطي كل وجهاته ويؤكد عودة نحو 5 + 5 الجغرافيا واألمن. وتوجّهها الدفاعي واألمني الصريح 5 + 5 ذلــك أن إعادة تفعيل مجموعــة يعكســان خيبة أمل الجانبَين حيال الشــراكة األورومتوســطية واختيارهما إطارًا تعاونيًا أضيق جغرافيّا. وفي هذا المعنى تعد العملية الغرب متوســطية جزءًا من مقاربة تتضمن عودة التركيز على البعد اإلقليمي، بخالف المقاربة الشاملة التي سـِم غيرها من الترتيبات األخرى في المتوسط. انطالقًا من ذلك، يمكن أيضًا � ت تحليل هذه العملية بوصفها تعبيرًا عن سياسة تعاونية ذات هندسة متغيرة ترغبها بلدان جنوب أوروبا أيضًا، ما يسمح لعدد محدود من الدول بالمضي قدمًا في تعاونهــا مــن دون أن يؤد ذلك إلى اإلخالل بالمقاربة الشــاملة للتعاون التي يقودها االتحاد األوروبي. كما يسمح ذلك لبلدان جنوب أوروبا الواقعة في غرب

251

Made with FlippingBook Online newsletter