. " واقع يسهل التعرف عليه بفضل بعده الجغرافي والتاريخي واإلنساني والثقافي وتُظهر الممارســة السياسية، في المقابل، كيف تكابد المشروعات اإلقليمية في سبيل تحقيق نتائج ملموسة. ويضيف جبايلي أن المبادرات المختلفة التي قادتها البلدان المشاطئة، ال سيما فرنسا وإيطاليا وإسبانيا خالل ثمانينيات القرن العشرين وتسعينياته، وكذلك االجتماعات على مستوى الخبراء بشأن القضايا األمنية التي ، تكشــف عن تقدم أحرزتــه هيكلة الحوار 5 + 5 أفضــت إلــى إطالق مجموعة فضاء " والتعــاون األمنــي من حيث توعية الفاعلين في غرب المتوســط بوجود . ولقد تحقق ((( " مشترك وإمكانيات حقيقية تسمح باستجالب المنفعة المتبادلة منه تقدم ملحوظ إلى حد ما في هذا المجال منذ مطلع التســعينيات (ســنطرق هذا الموضوع في الفصلَين األخيرَين من هذا الكتاب). ويتجلى هنا كيف يبدو القالب الجغرافي غير كافٍ، على الرغم من أهميته. ولقد أوضحنا آنفًا أن المعيار الجغرافي ليس كافيًا لتعريف إقليم ما، لذا فالمقاربة التــي نتبناها هاهنــا بنائيةٌ، وهي ترى األقاليم مبنية اجتماعيًا. وحين يتعلق األمر بالمتوســط، يتبدّى لنا قِدم هذا الجانب المبني. والحق أن المتوســط لم يكن له وجــود دائم بوصفه موضوعًا علميًا؛ فقد أثبتت القراءة النقدية خضوعَه لالبتداع أو البناء على يد الجغرافيين والمؤرخين في القرنَين الثامن عشر والتاسع عشر. وبات فعل البناء هذا، أ ابتداع المتوســط، موضوعًا لمشــروع نقد حقيقي وثر ولتســاؤالت علمية خالل العقود األخيرة. وبما أن ابتداع المتوسط هذا، كان مرتبطاً، على نحو ما، بمشــروعات سياســية قامت على الغزو والســيطرة من جانب فرنســا على وجه الخصوص، أخضعت مســألة المتوســط المبتدَع للتســاؤل والمســاءلة في الكثير من األبحاث التي تبنّت مقاربة نقدية في تحليل (1) Mahlaine Djebaïli, « L’Union du Maghreb arabe et le projet de Méditerranée occidentale», dans Marie-Lucy Dumas (dir.), Méditerranée occidentale : sécurité et coopération (Paris: FEDN, 1992), p. 174, 181. ) الخاص 1990 ، أو االقتراح اإلســباني-اإليطالي ( 5 + 5 من هذه المبادرات يمكننا االستشــهاد بمجموعة )، على غرار نمــوذ مؤتمر األمن والتعاون في أوروبا CSCM بمؤتمــر األمن والتعاون في المتوســط ( )، بحيث يشمل دول المتوسط جميعها. CSCE (
24
Made with FlippingBook Online newsletter