األزمات إلى التعاون المســتمر والمنتظم مرورًا بتســوية النزاعات، ال تستوعبها المقاربــة القائمــة على المركَبــات األمنية. بل إن منظــور الصراع يتعارض مع التعريــف الــذ اقترحه بوزان عن مركَب األمــن اإلقليمي ثم أعاد صياغته مع ويفــر. فالقول إن الشــواغل األمنية للدول في مركَب أمــن إقليمي ما، مرتبطة قـ ًا للحد الذ ال يمكن فهمها بمعزل إحداها عن األخرى، يفترض � ط ـ ًا وثي � ارتبا أن هذه الصلة الوثيقة إنما هي صالحة في مجال التعاون كما في مجال الصراع. مركَب األمن اإلقليمي: ماذا عن العوامل األخرى غير األمن؟ ال تــؤد العوامــل االقتصادية، في تحليل بــوزان، دورًا مهمًا في تعريف كـ َب األمــن اإلقليمــي، ذلــك ألن الدول داخلــه تهتم باألبعاد العســكرية � مر والسياســية والمجتمعية لألمن في المقام األول. ويعود ذلك لسببَين. أولهما أن هذه القطاعات هي األشد مالءمة ألنماط التهديد وأنماط الصداقة/العداء التي " . ثانيهما، بخالف العالقات العسكرية والسياسية، فإن العالقات "ّ يتعرف بها الكل االقتصادية ال تشــترط قدرًا كبيرًا مــن القرب الجغرافي. لذلك يمكن أن تكون ديناميات األمن االقتصاد مختلفة، بل وحتى ضعيفة، فلألمن االقتصاد دينامية عالئقية مختلفة عن الديناميات العالئقية لألمن السياسي والعسكر . ففي أقاليم الجنوب، يعد االعتماد المتبادل في المجاالت العســكرية واألمنية المحلية قويًا بينمــا الروابــط االقتصادية ضعيفة. والنتيجة هــي أن األمن االقتصاد للدول، كـ َب أمن إقليمي معين، ال يرتبط بالعالقــات بين الدول ابتداءً. لكن � ضمــن مر ثمة اســتثناءات، مثل دول أوروبا الغربية وأمريكا الشــمالية التي ترتبط بعالقات سياســية وعســكرية واقتصادية وثيقة. ويمكن للعوامــل االقتصادية، في بعض الحــاالت، أن تؤد دورًا مهمًا في التحفيز على األنماط القائمة على المصالح الخارجية في مركَب أمن إقليمي معين (مثل عالقات الواليات المتحدة مع دول مجلس التعاون الخليجي على ســبيل المثال). إضافة إلى ذلك، تؤد العوامل االقتصادية دورًا في تحديد قوة الدول داخل مركَبات األمن اإلقليمية، بل وأيضًا في االســتقرار الداخلي لهؤالء الفاعلين وتماســكهم. كما يمكنها أن تؤثر أيضًا في التكامل اإلقليمي، ما يؤثر بدوره في الكيفية التي قد يتطور بها مركَب األمن اإلقليمي. فالتشــابه بين اقتصادات دول جنوب آسيا يجعلها قائمة على التنافس
83
Made with FlippingBook Online newsletter