نفهم الديناميات األمنية في أقاليم مثل الشــرق األوســط فهمًا أفضل. وإذا لم يستوعب اإلطار النظر في تحليله مثل هذه العوامل، فكيف يمكنه إذًا التركيز على األمن المجتمعي الذ يحيل على بعضها؟ بل إن استبعاد العوامل الثقافية من تحليل مركَبات األمن اإلقليمية، في الوقت الذ أسس فيه جزء من الصرح النظر على األمن المجتمعي، قد ينتهي إلى إضعاف التحليل كله. ومع ذلك، فإن مضاعفة المتغيرات التي ينبغي أخذها في الحســبان يمكن أن يفقد التحليل جوهره. لذا ينبغي اســتدعاء هذه المتغيرات، ســيما االقتصادية منها، حين تثبُت لنا فائدتها في فحص جوانب محددة من المكوّن األمني الذ يظل هو األساس في مركَب األمن اإلقليمي. التاركب بعد الحرب الباردة: تطبيق متمايز كان التمايز في الديناميات ما بين العالمي واإلقليمي هو األصل الذ انبثقت منه دراسات النظم اإلقليمية. ومن هذا المنظور خاصة خضع نظام االختراق أو من المشاركة السياسية " التغلغل للتحليل، ويتكون، بحســب كانتور وشبيغل، (النظام اإلقليمي ((( " المعتبرة للقوى الخارجية في العالقات الدولية للنظام التابع ) ). والفواعل المتغلغلة أو المخترِقة هي قوى خارجية رئيسة système régional تؤثر في جميع التفاعالت داخل اإلقليم، ســواء أكان في قلب النظام اإلقليمي أم في أطرافه. وقد تبنّى بوزان مفهوم االختراق وأعاد تســميته بالتراكب، ويعد المصطلح عنصرا أساسيا في بعث الدراسات اإلقليمية ونظم األمن اإلقليمي. ألقــى بــوزان وويفر الضوء على ثالثة تأثيرات رئيســة في األمن اإلقليمي نتجــت مــن انتهاء الحــرب الباردة. أوالهــا أنها أنهت التراكــب الذ فرضته القوتان العظميان على أوروبا، وغيرت نمط االختراق في شــمال شــرق آسيا، حيــث أدى انهيار االتحاد الســوفياتي إلى ظهور مركَبــات أمن جديدة. وثانيها أنهــا غيرت طبيعة اختــراق القوة العالمية لمركَبات األمن اإلقليمية في الجنوب وحدة هذا االختراق، لألفضل أحيانًا ولألســوأ أحيانًا أخرى. فقد بدا أن العديد من المســتويات اإلقليمية اكتسبت استقاللية أكبر مما كانت عليه من قبل، لعدم
(1) Cantori and Spiegel, The International Politics of Regions, op.cit., p. 25.
87
Made with FlippingBook Online newsletter