103 |
غيــر الحكوميــة، على حملات الاحتجاج والتغيير في حقبــة ما بعد الحرب الباردة حتى اليوم. وأخيرًا، اكتســبت حملات الجماهير المُمَكّنَة شــبكيّا زخمًا واضحًا منذ " التايمز ســكوير " ثورات واحتجاجات العقد الأخير كالربيع العربي، واحتلال ميدان فــي نيويورك وغيرها. وقد يصح وصف الموجــة الثانية بالأكثر نجاحًا بين موجات الفعل الاحتجاجي؛ فالأولى يصعب الحكم عليها لتنوعها ولتطاول الزمن عليها منذ هيمنة النظم النيوليبرالية والرأســمالية؛ ما جعل من تلك الحركات الاجتماعية ذات المنطلقــات الاشــتراكية في الغالب عرضة إما للإكــراه أو الإدماج في البنية الدولية السياســية والاقتصادية، بينما وجدت الثانية مســاحة تلقائية للتمدد عبر الحدود في منظومة دولية ليبرالية بجانب الدولة الوطنية في منظومة ما بعد الحرب الباردة. وقد يكون من المبكر الحكم على نجاحات احتجاجات الجماهير المُمَكّنَة شــبكيّا، رغم ملاحظة تنوعها أيديولوجيّا، بين الليبرالي، واليساري، والشعبوي، والديني المحافظ، إلا أن تأطير الحملات وحشــد الموارد الرمزية يمثّل عبئًا أثقل على الحملات ذات المنطلقات الدينية المحافظة بسبب الأرضية الأيديولوجية للبيئة الدولية، والتي تشكّلها موازنات مستمرة بين الوطنية والليبرالية. . البنية الدولية بين التنظيم الشبكي وسيطرة الدولة 3 يعتمد منطق وجود الشــبكات المُمَكِنَة للجماهير وحركتها -كأية فعالية- على حشد الموارد وتوجيهها واستخدامها لتحقيق أهدافها. ولا يمكن فهم عمليات حشد الموارد واستخدامها لتحقيق الأهداف بمعزل عن البيئة التي تحدث فيها هذه العمليات، وما تُقدّمه من مُمكّنات وقيود عليها. لذلك، قبل النظر في تفاعلات الشــبكات المُمَكّنَة للجماهيــر فــي البيئة الدولية من المهــم النظر في البنية الدوليــة وأثرها على هذه التفاعلات. تنطلــق الرؤى التقليدية للنظام الدولي وبنيته في أدبيات العلاقات الدولية من رؤى نيوتن للنظم الميكانيكية. ويمكن تتبّع محاولات نمذجة البيئة الدولية بداية من رؤى توازن القوى الكلاسيكية، التي أخذت شكل القوانين الطبيعية أو الإلهية في التقاليد )، أي كقوانيــن تعمل دون تدخل وإدارة صنّاع القرار، إلا أن تطورات 19 الأوروبيــة( الرؤى الوجودية العلمية وأثرها على ممارســة السياسة الدولية، خاصة بعد الحروب النابليونية في أوروبا، نتج عنه تحوّل في التعامل مع توازن القوى ليس كآلية طبيعية
Made with FlippingBook Online newsletter