119 |
تأخذ شــكل مواقع التواصل الاجتماعي يجري بناء الفاعلية بين الجماهير، وتحديد أهدافها، والتنســيق حول الوســائل والأدوات المناسبة للتأثير وتحقيق الأهداف. في ظــل علاقــات القوة الناتجة عــن موضع هذه الفاعلية في الشــبكات العالمية، تبدو المقاطعة الشعبية الناتجة عن إدراك المشاركين في الحملة لموقعهم كمستهلكين في السوق العالمية، وقدرتهم على خلق حالة من الإزعاج والتعطيل المكلف للشبكات الاقتصادية، والمنافع المســتخلصة منها من قِبَل الكيانات المســتهدفة بهذا التعطيل، وســيلة مناســبة للتأثير، إلا أن هذا التعطيل له تكلفته أيضًا على المقاطعين، ولابد لتحملها وللاســتمرار في المقاطعة والدعوة لها من مســتوى متقدم من العزم الذي لا يمكن تحقيقه إلا من خلال حشــد موارد فكرية ومشاعرية، تُعطي المشاركين في الحملــة القوة النفســية اللازمة للثبات والصمود، على الرغــم من الميل أو الرغبة، والإغراءات للتراجع. كما أشرنا، فإن عناصر الفاعلية هذه لا يمكن أن توجد بشكل مفاجئ، وتعمل بشــكل فعال وقت الحمــ ت الاحتجاجية، بل تتطلب بناء ورعاية وعمً مســتمرّا، يعكس سلوكًا استراتيجيّا طويل المدى يسمح بفاعلية وتأثير الفعل التواصلي والحملات الاحتجاجية قصيرة المدى. . الفعل الإسلامي التواصلي في ظل الشبكات الإقليمية 6 بناء على ما سبق، يمكن اقتراح أن الشبكات المُمَكِنَة للجماهير تقدّم مساحة مُمَكّنَة للعمــل التواصلي الإســ مي رغم القيــود المعلوماتية، والتأطيريــة، والمادية. لكن تتمتع بنوع ونطاق " جماهير " الاســتفادة من هذه المســاحة الشــبكية تفترض وجود للتدين يدفعها للاســتفادة منها، من خلال الرغبة والقدرة على الحركة على شــكل فاعلية مشــتركة لتحقيق أهدافها سواء قصيرة المدى كما في الحملات الاحتجاجية، أم طويلة المدى من خلال اســتهداف تغيير اجتماعي وسياســي واسع النطاق. وقد حملــت التنظيمات الإســ مية التقليديــة الكبرى، لفترة طويلــة، عبء تجميع هذه الحركة وتوجيهها وحشد الموارد المادية والتنظيمية لضمان فاعليتها. وقد كانت هذه التنظيمات، ونوع التدين القابل للحشد والتوجيه سياسيّا واجتماعيّا، الضحية الكبرى لما يُسمّى بالثورات المضادة التي أعقبت ثورات الربيع العربي. من المفيد هنا وضع هذه الحالة في إطار حضور الإســ م على المستوى الإقليمي، مع اقتراح عدد من المســاحات لهذا الحضور، والتي يفرضها علينا خيالنا السياســي
Made with FlippingBook Online newsletter