| 138
باعتبارهمــا قضية بقاء يجب الدفاع عنهــا وحمايتها من الأخطار والتهديدات. وهذا للتهديد الذي يضفي على قضيةٍ ما الصفة الأمنية هو ما يجري التعبير " الخطابي " البناء . " الأمننة " عنه بنظرية ويضطلع الفاعل الأمني، وهو الجهة التي تقوم بإعلان قضية ما مُهَدّدة وجوديّا في سبيل أَمْنَنَتِها، بتوظيف الوسائل والمفاهيم غير الاعتيادية، وكسر القواعد السياسية المتعارف عليها، مثل: اللجوء للسرية، وفرض الضرائب، والتجنيد الإجباري، والحجر الصحي، وفرض حالة الطوارئ، ووضع قيود على الحقوق غير القابلة للانتهاك، وتركيز طاقة وموارد المجتمع في مهمة محددة، ويتحول الأمن إلى ممارسة مرجعية ذاتية، لأنه من خلال هذه الممارسة تصبح قضية ما أمنية ليس لأنها تمثّل بالضرورة تهديدًا وجوديّا حقيقيّــا، ولكنها تُقَدّم على أنها تهديــد ويجري قبولها من طرف الجمهور. وبطبيعة الحال هناك دول تكون السرية فيها وانتهاك الحقوق هي القاعدة ولا يحتاج الفاعل لأية حجج أمنية لإضفاء الشــرعية على مثل هذه الأفعال، وفي هذه الحالة، وأخذًا بعين الاعتبار القواعد الخاصة لهذا المجتمع، فإن الخطاب الذي يستبعد قضية ما عن الشروط والسياســات والخصائص السياسية العادية، يحيلنا كذلك إلى وجود عملية عملية التفاهم الموضوعي التي تحدث داخل " أمننــة. لقد لخص بوزان الأمننة بأنها مجتمع سياســي باعتبار قضية ما تهديدًا وجوديّا يســتدعي تدابير استعجالية تتناسب .) 7 ( " وطبيعة التهديد، وقد تكون غير خاضعة للإجراءات السياسية الطبيعية وأمننة الصحة 19 . كوفيد- 2 خلال العقدين الأخيرين أصبحت الأمننة واحدة من أبرز وأهم الباراديغمات المفسّرة للصحة العالمية، وقد اســتخدم هذا النهج التحليلي في بداية الأمر خلال ســبعينات القــرن الماضي بعد ظهور تهديدات باللجــوء لهجمات بيولوجية من قِبَل جماعات ، والذي 1995 متطرفة كان أبرزها الهجوم بغاز السارين على مترو الأنفاق في طوكيو شــخصًا وإصابة المئات. وخلال هذه السنة كذلك، وبالموازاة 13 أســفر عن مقتل مع تفجير أوكلاهوما سيتي في الولايات المتحدة الأميركية، ظهرت دعوات لتوسيع التدابير الكفيلة بمواجهة خطر التهديدات الإرهابية بما في ذلك استخدام نظام الصحة العامة. وهي دعوات تكمن أصولها في محاولة تطوير أجندة أمنية جديدة في أعقاب الحرب الباردة؛ ركزت على المخاطر الأمنية الجديدة ومن أبرزها الأمراض المعدية
Made with FlippingBook Online newsletter