العدد 12 – نوفمبر/تشرين الثاني 2021

161 |

وهنا، يكون من الصعب إن لم يكن من المســتحيل على القانون الأساســي للدولة النهوض بمهامه في الشأن العام. ويدفع المســار الدســتوري الإفريقي للحديث عن ممارسات دســتورية عوضًا عن أعراف مستقرة؛ نظرًا لعدم انتظام مسيرة الحكم على قواعد قانونية سارية وتطبيقات )، ثم انفكاك الوقائع السياسية عن النص المرجعي وروح القوانين مما كرس 2 مطردة( . ولعل تاريخ دولة توغو السياســي والدســتوري يشهد على هذه " الفوضى الخلاقة " الانتكاسة، وتنبع أهمية هذه الممارسات في أنها قد تتحول إلى أعراف وقوانين ترسخ الديمقراطية والمؤسساتية. وعلى الرغم من أن القانون الأساســي للدولة ينص على مبادئ كلية فإنه لم يحدث تفعيل مقتضياتها قانونًا تشريعيّا يحتم على أجهزة الدولة الأخذ بها في المجال الديني مث ً، وهو ما يترك الفجوة واســعة بين التنظير والممارســة في القضايا الدســتورية .) 3 ( " الدستور يتطور أو يتقهقر بفعل الممارسة " الإفريقية، ثم إن النظام الدســتوري حَكَمًا، " الاتحاد الإفريقي " لقــد شــكّل تبنّي المنظمة الإقليميــة ورفضهــا الاعتــراف بالانقلابات العســكرية، منعطفًا حاســمًا في الحياة السياســية الإفريقية؛ مما جعل المدخل لممارســة الســلطة وإدارة شؤونها متوقفًا على القانون عبر فرض الوســائل الســلمية للوصول إلى السلطة، ونبذ كل مظاهر العنف لمنافاتها العمل الديمقراطي. وقد دفع هذا القرار بالدول الإفريقية إلى إعادة الاعتبار للدستور، الذي لم يكن ســوى للاســتهلاك السياسي، وإدراج مصطلح النظام الدستوري -كما ) من دستور إفريقيا الوسطى- ضمن المصطلحات الجديدة في الحقل 2 في المادة ( الدستوري الإفريقي. ولــم تقتصر دول القارة على نموذج موحد لمرجعية قوانينها الأساســية، بل عرفت تقلبات داخل الدولة الواحدة في فترات متلاحقة من حيادية إلى اشتراكية ماركسية، مرورًا بالعلمانية، وعدوً عنها إلى القيم الروحية (مدغشــقر)، أو القبول بالعلمانية بعد تجاهلها (رواندا)؛ ما يوحي بتعدد الخبرات الروحية الزمنية. وتتمايز التجارب الروحية بالقارة الإفريقية في تمظهرها، ســواء تعلق الأمر بالحرية الدينية، أو ممارســة الشــعائر الدينية، أو حرية التعليم الديني، وكذا في تفاعلها مع مؤسســات الحكم وصوً لذروتها تحكيمًا للشريعة، أو مطالبة بتحكيم جزئي منها، أو اعترافًا بمرجعية رسمية للدولة، أو إحداث أطر وقنوات لتصريف الشؤون الدينية إلى تجاهل المعتقد والسكوت عنه، انتهاء إلى إقصائه كلية من الحياة العامة.

Made with FlippingBook Online newsletter