العدد 17 – فبراير/شباط 2023

| 98

المباشــر واألنظمة العميلة، أو بالخداع بشــعارات حماية البيئة الجميلة، كما تجلى بوضــوح فــي التحول الجذري لموقف الغرب مــن الرفض المُطلق لتقديم أي دعم مالي أو تكنولوجي جوهري لتطوير صناعة الغاز الطبيعي في إفريقيا؛ بدعوى ضرورة التركيز على تطوير الطاقة النظيفة (كثيرة المشاكل وعالية التكلفة على إفريقيا الفقيرة)، رغم حاجتها الشديدة لتوفير الطاقة ألبسط االحتياجات اإلنسانية اليومية، إلى موقفه المتعاون الحالي، بعد أزمة حرب أوكرانيا وانقطاع الغاز الروسي عن أوروبا، بالمبادرة السخية والكرم المفاجئ لدعم صناعة النفط والغاز في إفريقيا والتضحية بحماية البيئة وكافة شعاراتها. وحيث تلعب روســيا دورًا متزايد األهمية علــى الصعيدين اإلقليمي والدولي؛ كان البد من كبح نمو إمكاناتها المالية وثِقلها في أسواق الطاقة، خصوصًا على المسرح األوروبــي؛ فكان االســتفزاز األميركي للحرب في أوكرانيــا، التي فاقمت من أزمة ) تراكمت بذورها بالتفاوت ما بين تعافي الطلب سريعًا 1 الطاقة الكامنة فعليًّا، والتي( بعــد انتهاء إغالقــات كورونا، مقابل تباطؤ تعافي العرض، المدفوع أساسًــا بتراجع ) 2 ، كما( 2015 االســتثمارات في البنية التحتية مع انخفاض أســعار الطاقة منذ عام دفعها التأطير المؤسســي الجديد، بتحرير األســواق وفك ارتباط أسعار الغاز بأسعار النفط واالتجاه لألسواق الفورية بدي ًل عن التعاقدات طويلة األجل، لمزيد من التفاقم، فضًل عن بعض العوامل الثانوية والعرضية األخرى. وبغض النظر عن الدوافع األميركية للتالعب بأسواق الطاقة، كإحدى أدوات هيمنتها العالمية األساســية، وعدم اهتمامها بتأثيراتها الســلبية علــى القوى األخرى، وربما ترحيبهــا بذلــك؛ كونها أقل المتضررين بما يتوافر لديها من مخزونات إســتراتيجية وإنتــاج طاقــوي ضخم كأحد أهم منتجي الطاقة فــي العالم، فإن الحرب األوكرانية التــي دفعت إليها، قد حققــت لها ما تصبو إليه من إجبار أوروبا على إعادة التفكير في كامل إســتراتيجيتها الطاقوية، بالتحول من كونها أكبر مستورد للغاز الروسي في العالم، إلى إيجاد بدائل عنه من المنطقة العربية وإفريقيا والواليات المتحدة نفسها. وهذا التحول، وإن كان يأتي في سياق من تحسن الموقف التفاوضي العام لمجموعة الدول العربية النفطية ومنظمة أوبك بلس، في ضوء االختناق المُتوقع ما بين عرض وطلــب الطاقــة عالميًّا مع بــروز قوى إنتاجية جديدة، وفي حــال لم تقضم األزمة

Made with FlippingBook Online newsletter