العدد 17 – فبراير/شباط 2023

13 |

مقدمة ، وبعد سنوات طويلة من النزاع والتفاوض 2022 في أكتوبر/تشرين األول من العام المتواصل بوســاطة أميركية، توصل الجانبان، اللبناني واإلسرائيلي، إلى اتفاق يقضي بترســيم الحدود البحرية بينهما، ويسمح للطرفين باستغالل الثروات في باطن البحر على طرفي الحدود بشكل كامل ودون عوائق. ويرسي االتفاق قواعد التفاهم حول النقــاط المختلف عليها، كما يُنشــئ مجموعــة من المصالح المشــتركة التي تتيح اســتمراريته، ويوفر ضمانات أميركية للطرفيــن للحفاظ على ما تم التوصل إليه من تسويات مرتبطة بالنزاع. ويعتبر االتفاق اللبناني-اإلســرائيلي لترســيم الحدود البحرية بينهما واحدًا من أهم االتفاقات التي عُقدت بين الدول المتنازعة على ترســيم الحدود البحرية واســتغالل ثروات باطن البحر في منطقة شرق حوض البحر األبيض المتوسط. وتكمــن أهمية االتفاق في شــكله ومضمونه وتوقيته، فهــو االتفاق األول الذي يتم بين دولتين متجاورتين شــرق البحر المتوســط، وهو االتفاق األول كذلك الذي يتم بوساطة من طرف ثالث في الصراع الجاري شرق البحر األبيض المتوسط، كما أنه يُعد االتفاق األول من نوعه الذي ينص على آلية إلدارة الخالف بشكل يسمح بتسوية مرضية للطرفين. عالوة على ذلك يُؤمِّن االتفاق مجموعة من المصالح للوسيط، أي الواليات المتحدة األميركية، ولمجموعة أخرى من الدول المستفيدة، وهي في الغالب في هذه الحالة، كبار مستهلكي الطاقة، أي االتحاد األوروبي. وفــي هذا الســياق بالتحديد، يأتي االتفاق في توقيت في غايــة األهمية بُعيد الغزو ، أي في وقت يبحث فيه االتحاد 2022 الروسي ألوكرانيا في فبراير/شباط من العام األوروبي عن تنويع واردات الطاقة السيما الغاز بعيدًا عن االعتماد الكبير على الغاز الروسي. على المستوى الثنائي، يعاني لبنان من انهيار سياسي واقتصادي واجتماعي؛ ما يجعله بأمس الحاجة إلى اتفاق يحيي اآلمال في إمكانية استفادته من ثروات الطاقة وتحوله ربما مستقب ًل إلى مُصدِّر للغاز، في الوقت الذي تسعى فيه إسرائيل إلى تعزيز موقعها ودورها مُصدِّرًا للطاقة شرق البحر المتوسط وإلى استخدام الغاز ورقة لتعزيز نفوذها وتأثيرها اإلقليمي فض ًل عن تسريع عملية التطبيع السياسي واالقتصادي الذي

Made with FlippingBook Online newsletter