العدد 17 – فبراير/شباط 2023

159 |

المســتفادة من الكتاب، فإن اختيار كيسنجر نفســه يبدو أنه كان محكومًا باعتبارات أخرى غير النجاح الذي حققه كل قائد من موقعه. . اختياارت كيسنجر بين البارغماتية وا نحياز األيديولوجي 3 تجدر اإلشارة إلى أن هؤالء القادة الستة الذين تطرق إليهم كيسنجر في هذا الكتاب هم كلهم قريبون من التوجهات األميركية أو يدورون في فلك مصالحها على الصعيد العالمي. فهم إما حلفاء أو أصدقاء للواليات األميركية في القرن العشرين. باإلضافة إلى ذلك، يالحظ كيسنجر أن الزعماء الستة يمثلون أنماطًا مختلفة من القيادة، بعيدة عن األيديولوجيات. فجميعهم، حســب كيسنجر، كانوا محافظين براغماتيين يفهمون الســلطة وحدودها، على شــاكلته هو نفسه. فعرَّاب السياسة الخارجية األميركية كان يتبع دائما نهجًا براغماتيًّا وسياسيًّا للعالقات الدولية، منذ أطروحته في جامعة هارفارد ، ثم تبعها كتابان 1950 ، في Kant وكانط Toynbee وتوينبي Spengler حول سبيغلر يدوران حول استعادة ميزان القوة األوروبي بعد الحروب النابليونية (عالم مستعاد)، ودمج األســلحة النووية في السياسة الخارجية األميركية (األسلحة النووية والسياسة . وبصفته مستشــارًا لألمــن القومي األميركي ووزيرًا للخارجية 1957 الخارجية) في في عهد الرئيســين، ريتشارد نيكســون وجيرالد فورد، تجنب كيسنجر االنجرار إلى األيديولوجية، وأسَّس السياسة على المصالح األميركية، آخذًا بعين االعتبار القيود التي الدبلوماسية " يفرضها الواقع الجيوسياسي، لكل فترة. وهذا ما يبينه في كتابه األشهر . وأيضًا في مذكراته المكونة من ثالث مجلدات: (ســنوات البيت " والنظام العالمي األبيض.. ســنوات االضطرابات وسنوات التجديد)، التي يوضح فيها كيسنجر كيف يعمل رجاالت الدولة من زعماء دبلوماســيين في العالم الحقيقي بعيدًا عن التنظير الذي يعرفه حقل العالقات الدولية. وقد دفعت به هذه البراغماتية إلى نهج أسلوب الترهيب في المفاوضات بعيدًا عن الدبلوماســية. وكما قال عنه الصحفي األسترالي يبدو أن الفلسفة " :) 1983 - 1911 ( Wilfred Burchett الشــهير، ويلفريد بورتشــيت الدبلوماســية للدكتور كيســنجر تركز علــى فكرة أن المفاوضــات يجب أن تكون مصحوبة بتهديدات باســتخدام القوة وأن القوة يجب أن تُســتخدم بحكمة بما يكفي .) 40 ( " لجعل تلك التهديدات ذات مصداقية

Made with FlippingBook Online newsletter