| 176
فــي المناطق التي ســيطرت عليها فــي المراحل األولى للحــرب، بل واالضطرار لالنســحاب من مناطق أساسية مثل مدينة خيرسون، تحت وطأة الضغط األوكراني، بعد االنسحاب من محيط كييف ومناطق واسعة في الشمال. وانتقلت روســيا عشية موسم الشتاء إلى تكتيكات الضربات ذات الطابع النفسي من خالل تدمير البنى التحتية المدنية، وأبرزها مصادر الماء والكهرباء والطاقة، في سبيل تحطيم المعنويات، ال سيما مع موسم البرد القارس. لكن، وعلى الرغم من أن السيطرة على كييف قد تبدو خارج حسابات بوتين القريبة، إال أنه يؤكّد دائما على قدرة قواته على بسط سيطرتها على جميع المقاطعات األربع التي ضمتها موسكو مؤخرا؛ وهي دونيتسك، وخيرسون، ولوهانسك، وزاباروجيا. في المقابل، تسعى كييف، التي تتلقّى دعما عسكريا نوعيّا مباشرا من عدة دول أعضاء في حلف الناتو ومساعدات مالية وعسكرية سخيّة من واشنطن، إلى دحر القوات الروسية ، بل وترفع من سقف مطالبها وتؤكّد على 2022 فبراير 24 بعيدا إلى خطوط ما قبل قدرتها على تحرير إقليم دونباس، بل واســتعادة جزيرة القرم أيضا. فإلى أين تســير الحرب، وهل باإلمكان قلب موازين القوى فيها، خاصّة إذا أظهر الغرب قدرة على االستمرار في دعمه العسكري لكييف وتجاوز المحاذير والخطوط الحمراء الروسية؟ أم إنّه سيكون لألوضاع الداخلية في البلدين الكلمة الفصل في رسم نهايات للصراع بعيدا عن الحسابات االستراتيجية والسياسية لألطراف الثالثة المتدخّلة في األزمة؟ السياقات واختالف التفسيارت يجدر بنا، في هذا اإلطار، التذكير ســريعا بالســياقات التي أدّت إلى الحرب الجارية -هناك من يُرجعها حتّى إلى 2014 حاليــا، إذ يمكــن إرجاع جذور األزمة إلى عــام بدايات األلفية الثانية عند تفجّر الثورة البرتقالية- غير أن هناك أسبابا متعدّدة، مباشرة وغير مباشرة، لهذه األزمة. أحد تلك األسباب، غير المباشرة، هو الخالف الشهير بين موسكو وحلف شمال األطلسي حول تفسير ما تزعم روسيا أنه تعهدّات من الرئيس األمريكي األسبق جورج بوش األب ووزير خارجيته جيمس بيكر، وعدد من زعماء الدول األوروبية (الرئيس الفرنســي فرانســوا ميتران، والمستشار األلماني هلموت كول، ورئيس الوزراء البريطانية مارغريت تاتشــر) باإلضافة إلى مسؤولين في حلف النيتو للرئيس الروســي السابق ميخائيل غورباتشــوف بأن الحلف لن يتوسّع شرقا،
Made with FlippingBook Online newsletter