العدد 17 – فبراير/شباط 2023

177 |

وذلك في رد على أن موسكو ستشعر بالتهديد في حال انضمام دول تنتمي إلى مجال نفوذها الســوفيتي السابق إلى الحلف. وفي هذا السياق يمكن استرجاع أحداث عام في جورجيا، حيث كان الدافع الرئيســي لتدخّل موسكو هو إحباط طموحات 2008 كيلومتر من الجبهة 2500 الناتو في أوروبا الشرقية. فما هو على المحك اليوم، على األوكرانية الشــرقية، هو الخطوط الفاصلة المستقبلية بين االتحاد األوروبي وروسيا، حيث كان الزعماء الروس، منذ عهد القياصرة " حدود سميكة " التي تريد إعادة إنشاء ووصوال إلى فترة حكم فالديمير بوتين، يحاولون باستمرار دفع الحدود إلى الغرب، ) 1 ( . " خوفا من أن يكونوا على اتصال مباشر مع ما يعتبرونه خصما يتمثّل السبب الثاني خلف شن روسيا حملتها العسكرية في أوكرانيا في رؤية الرئيس فالديمير بوتن بأن أوكرانيا ليســت فقط دولة عضوا في الفضاء الســوفيتي الســابق، بل يجب أن تظل ضمن مجال النفوذ الروســي لتكون دولة عازلة تصد الطموحات الغربية في التوسّــع شــرقا. كما يعتبر بوتين أن الدولتين (روسيا وأوكرانيا) مرتبطتان باتفاق قومي ضارب في القدم، وأن أوكرانيا تمثل مهد األمة الروسية وترتبط تاريخيا باإلمبراطورية الروســية، وبالتالي فإن األبعاد التاريخية والثقافية تشّكل أساسا مركزيا في فكرة األمة التوأم التي ينبغي لروسيا الحفاظ عليها مع جارتها. وقد عبر الرئيس فالديمير بوتين عن هذه الفكرة في مدونته المنشورة على الموقع اإللكتروني للرئاسة ، عندما أوضح أن هذه المجتمعات التي تشــترك في إرث تاريخي 2021 فــي يوليــو ). أدّت 2 واحــد، هي أيضا مرتبطة بمصير مشــترك، وأنه من غيــر المقبول فصلها ( للمصير المشــترك بين روســيا وأوكرانيا أخيرا إلى إنكار سيادة " البوتينية " هذه الرؤية وتطلعات الشعب األوكراني في حريته في تقرير مصيره. ثمة أيضا سبب ثالث يتعلق بخوف الرئيس فالديمير بوتين من تطلعات أوكرانيا نحو الغرب وتبنّيها للديمقراطية الليبرالية، مما ســيمثّل تهديدا للنفوذ الروســي في مجاله الحيوي المباشر، ولكن قبل كل شيء تهديدا جدّيا لنظام روسيا السياسي وحكومته وسلطته. ويمكن أيضا ربط، أو تفسير، تدخل موسكو في أوكرانيا بعوامل أخرى أكثر استراتيجية، منها على سبيل المثال الرغبة في السيطرة على البحر األسود، أو سعي .) 3 موسكو المُعلن لخلق نظام دولي جديد متعدّد األقطاب ( في محاولة لشــرح الدوافع خلف العملية العســكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، يمكننا توظيف مذهب المدرســة الواقعية في تفســير العالقات الدولية. ووفقا لهذه

Made with FlippingBook Online newsletter