| 186
مجتمعة أو منفردة، المخاطرة بخلق تصعيد وتحويل الصراع إلى حرب عالمية حقيقية يمكن أن تؤدي إلى مواجهة نووية. يذكّر الوضع الحالي لألزمة بما كان عليه الوضع خالل حقبة الحرب الباردة، حيث لم تحدث مواجهات مباشرة بين االتحاد السوفيتي والواليات المتحدة، ولم يخاطر أي منهما بذلك، لكنهما خاضا حروبا بينهما بالوكالة بواسطة الوقوف إلى جانب الحلفاء في مواجهاتهم إما مع الواليات المتحدة أو مع روســيا. ففي نهاية المطاف ما تزال روســيا قوة نووية كبرى تمتلك أعلى مخزون مــن الــرؤوس النووية في العالم، قد تلجأ إلى اســتخدامه في حال شــعرت بتهديد وجودي، وهو ما تسمح به عقيدتها العسكرية النووية، أي استخدام النووي من أجل ضمان البقاء. وهنا، فإن القارة األوروبية هي التي ستتلقّى الضربة األولى، ثم يكون على واشــنطن، التي أعادت تموضع قواتها فــي القارة األوربية، توجيه الرد النووي لروســيا. وهذا ســيناريو مرعب في الحقيقة للعالم أجمع بشكل عام وألوروبا على وجه الخصوص. على خلفية الحرب الروسية في أوكارنيا: هل تكون موازنة إعادة التموضع األمريكي في أوروبا لصالح القارة األوروبية؟ من المؤكد أن أوروبا ال تمتلك سياســة دفاعية مشــتركة، سواء بين الدول األعضاء فــي االتحاد األوروبــي أو تلك التي لم تنتم إلى االتحاد أو خرجت منه (بريطانيا). ولطالما كان الصراع، خفيا ومعلنا، بين قاطرتي االتحاد األوروبي، فرنســا وألمانيا، حــول من منهما ســتمثّل الضامن ألمن أوروبا، في حال قــرّرت الواليات المتحدة األمريكية تخفيض التزاماتها تجاه حماية األمن األوروبي، أو انســحبت بالكامل من أوروبــا. وإذا وضعنا جانبا الخالفات بين الواليات المتحدة وبعض الدول األوروبية ، فإننا نالحظ بوضوح 2003 (فرنســا أساســا) منذ الغزو األمريكي للعراق ربيع العام ) لم يكن 17 أن تباعدا وبرودا كانا يطبعان العالقات بين ضفتي المحيط األطلسي. ( الرئيســان باراك أوباما ودونالد ترامب رئيســين متحمّســين، في أجندتي سياستيهما الخارجية، للشــراكة مع أوروبا. بل إن الرئيس ترامب كان يدلي بتصريحات تنقصها الحصافة الدبلوماســية عندما كان يلوّح باالنسحاب من القارة األوروبية. أما الرئيس باراك أوباما، فلم يكن، في الواقع، أكثر اهتماما من خلفه بالقارة األوروبية. وخالل واليتي رئاسته، لم يساهم أبدا في مرافقة االتحاد األوروبي في تطوير سياسته الدفاعية،
Made with FlippingBook Online newsletter