العدد 17 – فبراير/شباط 2023

191 |

السيناريو الخامس: هو السيناريو الذي يصل فيه الطرفان إلى قناعة بضرورة التفاوض حــول وضع حــد للنزاع الدائر. لكن قد يبدو هذا الســيناريو، أيضا، مســألة بعيدة المنال من حيث صعوبة التوفيق بين اشــتراطات الطرفين العالية. فموســكو تشترط، بالخصوص، تســليم كييف بسيطرتها على األراضي المعلنة أراضي روسية في إقليم دونباس فضال عن خيرسون وزابوروجيا (طبعا روسيا ال تطرح أصال إمكانية التفاوض حول شبه جزيرة القرم، التي تراها روسية خالصة)، باإلضافة إلى إقرار أوكرانيا بعدم ســعيها لالنضمام إلى حلف الناتو. أما أوكرانيا فتريد انســحابا روسيا كامال وشامال من كل المناطق التي ضمتها، بما فيها شبه جزيرة القرم، وهو الشرط المعجز، الذي لن تقبل به موســكو، وربما يراه داعمو أوكرانيا، بدورهم، شــرطا مستحيل التحقّق. لكــن، ربما يكون هناك بصيص أمــل إذا قبلت بعض البلدان، مثل تركيا أو الصين، لعب دور الوساطة بين الطرفين، وهو احتمال غير مستبعد تماما. خاتمة يوجد أكثر من خمســة سيناريوهات محتملة لتوقع نهاية الصراع الروسي األوكراني، لكنها كلها مبنيّة على افتراضات قابلة للتغير في أي لحظة، إما بفعل مجريات الحرب في الميدان أو بفعل عامل آخر خارجي أو داخلي، كما أشرنا إليه في الفقرات السابقة. ويبقى أن نشير في ختام هذه الورقة، إلى األدوار التي لعبتها األطراف الدولية الفاعلة في الصراع الروســي األوكراني. ولنبدأ باألمم المتحدة التي لم تســجّل حتى اآلن، وبعد مرور عام تقريبا عن اندالع الصراع، أي دور واضح، ناهيك على أن يكون لها موقف حازم أو حاسم. بل إن األمين العام لألمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، فشل في إدارة هذا الصراع ولم يتمكن من التوســط بين الطرفين المباشــرين في الحرب، وال حتى حشــد أصوات العقالء من بين الدول التي لم تنخرط إلى جانب أي من الطرفين، وهي أغلب دول العالم، وأكثرها سكانا، في آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية. وبالنسبة ألكثر المتأملين خيرا في هذه المنظمة، فإنهم يقترحون أن يكون لها الحقا دور في حشد التبرعات إلعادة إعمار أوكرانيا، أو، إذا تجرأت، إنشاء محكمة دولية للنظر في جرائم الحرب المرتكبة في الحرب الروسية األوكرانية. أما فيما يتعلق باالتحاد األوروبي، فإن هذا الصراع يمثل فرصة لتعزيز التماسك بين الدول األوروبية، وربما يكون فرصة إلطالق سياســته دفاعية وأمنية أوروبية موحّدة

Made with FlippingBook Online newsletter