| 68
.) 82 فقط في حال رفض إحدى الدول المتنازعة الخضوع للوالية القضائية للَّجنة( نستخلص من هذه الخلفية أن االتحاد اإلفريقي ورث نفس المبادئ الموجهة لمنظمة الوحدة اإلفريقية، وأن األطر التي يعتمدها االتحاد حاليًّا في التعامل مع الحدود بين دوله هي مكرســة باألساس نحو غاية رئيسية واحدة تتمثل في إلزام الدول اإلفريقية بالحدود الموروثة عن االســتعمار، وهذا في الحقيقة يكشــف كيف أن االتحاد لم يســتطع حتــى اآلن الخروج من الدوامــة المغلقة التي وقعت فيهــا منظمة الوحدة اإلفريقية لحظة تأسيسها. خاتمة وختامًا، يبقى السؤال األخالقي المشروع: أليس حريًّا بالدول األوروبية -االستعمارية سابقًا- أن تسهم في حل هذه الخالفات الحدودية وتساعد الدول اإلفريقية في تحديد وترسيم الحدود التي ورثتها عن االستعمار في ظل ما تعانيه هذه الدول من تحديات كالفقر واالضطرابات السياسية وغيرها؟ ال ريب أن القوى االســتعمارية الســابقة تستطيع إنهاء معظم األزمات الحدودية في القــارة اإلفريقية، فهي تهيمن على مجلس األمــن، وفي يدها كل التكتالت األممية والمنظمات الدولية السياسية والمالية واالقتصادية والتجارية والصناعية؛ لكن تقاعسها يكشــف أن االســتعمار لم ينته كما نتصور، بل تحول من عسكري بالقوة إلى ناعم بالتغاضي عن تصحيح أخطاء الماضي، وتجاهل األزمات اإلنسانية المزمنة، والديون واالتفاقيــات الجائرة غيــر المتكافئة والضغوطات الدوليــة والعقوبات االقتصادية، وغيرها. وفي ظل هذا التقاعس الغربي وحالة الهشاشة التي تعتري معظم الدول اإلفريقية، وفي ضوء انعدام الموارد المادية والمعرفة التقنية واإلرادة السياســية لترسيم الحدود، فإن الخالفات الحدودية في هذه القارة مرشحة لالرتفاع بقدر التنافس الدولي المحموم على ثروات بلدانها، الســيما أن القوى االســتعمارية اليوم لم تعد أوروبية فقط كما في الماضي، بل عالمية، منها األوروبية واألميركية واآلســيوية، وقد باشــرت فعليًّا ولمدة من الزمن ســيطرة منهجية على إفريقيا بكامل مقدراتها، وبما ينذر بمزيد من الصراعات الحدودية في المستقبل.
Made with FlippingBook Online newsletter