العدد 17 – فبراير/شباط 2023

| 80

الوضعي السائد أكاديميًّا، في تحليل الظواهر االجتماعية كما لو كانت مجرد ظواهر تقنية بحتة، ال تشــتمل على صراعات مضمونية وتشــويهات رمزية؛ فيما هي دومًا، وهذا أبرز الفروق الفلســفية والتحليلية ما بين االقتصاد التقني واالقتصاد السياســي، ظواهر ثنائية األوجه، تجمع ما بين الوجه التقني المحكوم بقيود الواقع المادي والوجه االجتماعي المدفوع بصراعات المصالح اإلنسانية. يقدم هذا للقسمين الالحقين، الذي يغطي أولهما البُعد/المظهر التقني لألزمة، مُتمث ًل في اقتصاديات األزمة من اتجاهات طلب وعرض للطاقة ضمن االتجاهات التاريخية للصعود الصناعي للشــرق وتراجع موارد الطاقة األحفورية، ويتناول ثانيهما البُعد/ المظهر االجتماعي الذي يضعها ضمن الصراع التاريخي األشــمل على مراكز القوة العالميــة ما بين القوى الكُبرى، وكيف تفســر الحــرب األوكرانية وأزمة الطاقة معًا كأدوات ونتائــج مترابطــة ضمن ذلك الصراع بين القــوى األربع الكبرى، الواليات المتحدة وأوروبا من جانب، والصين وروســيا من جانب آخر. يليهما قسمان نختم بهمــا الورقة عن آثار الحرب األوكرانية المتشــابكة مع أزمة الطاقة، على اتجاهات عالقــات الطاقة األساســية في العالم، ضمن االتجاهات األشــمل تاريخيًّا للتراجع الجزئي للعولمة، وبروز معســكرين اقتصاديين عالميين، شــرقي وغربي؛ وما يطرحه ذلك االنقســام في ســياق زيادة ضغوط الطلب على المعروض المتراجع من موارد الطاقة، من فرص وتحديات على المنطقة العربية ومنظمة أوبك بلس، وكيف يجب أن تتصرف المنطقة لتحقيق أقصى اســتفادة اقتصادية وإســتراتيجية ممكنة من هذه االتجاهات العالمية. المستوى الرمزي للظاهرة: خطاب األزمة، أزمة من؟ في حوالي " ، تسجل جيسيكا ويليامز أنه " حقيقة ينبغي أن تغير العالم 50 " في كتابها ربع الخمســين حربًا وصراعًا مســلحًا خالل الســنوات األخيرة، ســاعدت الموارد )، وهذا 2 ( " الطبيعية على تفجير أو إثارة العنف أو ســاعدت في تمويل اســتمراريته فقط في الحاالت التي لعبت فيها تلك الموارد دورًا واضحًا مباشــرًا في النزاعات، بعيدًا عن حاالت التشابك المعقد والخفي مع اعتبارات أخرى. لهــذا، يتداخل تاريخ الحروب مع تاريخ اكتشــافات المــوارد الطبيعية والصراعات

Made with FlippingBook Online newsletter