العدد 17 – فبراير/شباط 2023

| 86

هذا عن االتجاهات الكبرى التي تصوغ الموقف العام المُتأزم للطاقة لمُجمل نصف القرن الحالي، فإذا ضيقنا النظر قلي ًل السكتشاف بذور األزمة الحالية في حدود الفترة األخيــرة، نجد أنه بخالف بعــض العوامل الثانوية والعارضة من الحوادث الصناعية والمشــاكل الفنية وعدم انتظــام مصادر الطاقة المتجددة، فض ًل عن عدم اســتجابة العرض بســرعة لالنتعاش الســريع في الطلب بعد انتهاء إغالقات كورونا، أسهمت بعــض االتجاهــات المُتراكمة عبر الســنوات األخيرة، فض ًل عن بعض السياســات المُســتجدة، فــي مفاقمة الموقف والدفع الختناق جزئي فــي إمدادات الطاقة أوائل العقد الحالي. كان أول هــذه االتجاهــات هو تراجع اإلنتاج العالمي من مشــروعات النفط والغاز واالســتثمارات الجديدة فيهما؛ نتيجة النخفاض أســعارهما -المُوجَّه جزئيًّا للضغط -، وثانيها، الذي فاقم الموقف 2014 على روســيا بعد ضمها شــبه جزيرة القِرم عام خصوصًا، تطبيق أنظمة ســوقية جديدة بتحرير أسعار الغاز وفك االرتباط بينها وبين أســعار النفط والتخلي عــن العقود طويلة األجل لمصلحة األســواق الفورية، التي أثارت الخالف خصوصًا مع روسيا؛ نظرًا لما تمثله من تعارض مع حاجات منتجي .) 17 الغاز التفاقات طويلة األجل لتأمين مشاريعه واستثماراته باهظة التكلفة( وقد فاقمت الحرب من األزمة التي كانت قد بدأت بوادرها فعليًّا بعد انتهاء إغالقات كورونا، ليكون مســرحها المركزي أوروبا، ومحورها األساســي الغاز الطبيعي، وإن كانت األزمة قد انعكست بترابطاتها الداخلية والطبيعة التبادلية والتكاملية لسلع الطاقة، على أسعار كافة مصادر الطاقة األساسية من نفط وغاز وفحم، فارتفعت جميعًا بنسب مختلفة، وإن كان الغاز أكثرها ارتفاعًا، والذي قدَّر تقرير الطاقة المذكور مسؤوليته عن % تقريبًا من ارتفاع أسعار الكهرباء؛ ما يكتسي أهمية خاصة؛ كونه قد أصبح أهم 50 وأنظف مصدر طاقة تقليدية في العالم المعاصر، وقد بدأت األزمة به، ومع انخفاض مخزوناته؛ اتجه المستهلكون الستخدام الفحم، ومع تراجع المتاح منه بدوره؛ اتجهوا .) 18 إلى النفط لترتفع أسعاره هو اآلخر ألعلى مستوياته منذ سنوات( دوالرًا 70 وهكذا ارتفعت أسعار خام برنت في سوق العقود اآلجلة من متوسط عام تقريبًا خالل أقرب فترة مســتقرة، وهى الفترة الســابقة مباشرة على إغالقات كورونا )، إلى 2020 دوالرًا للبرميل خاللها أواسط عام 25 (وبعد هبوط مؤقت إلى حوالي ، قبل أن تنخفص قلي ًل إلى مســتوى 2021 دوالرًا في أول نوفمبر/تشــرين الثاني 86

Made with FlippingBook Online newsletter