| 90
هذا الســياق التنافس األميركي-الصيني في إفريقيا، والصراع األميركي-الروسي في األزمتين، الســورية واألوكرانية، والذي ال تستهدف منه الواليات المتحدة بالضرورة احتياجاتها المباشــرة من الطاقة، التي تكتفي من الجزء األكبر منها ذاتيًّا بالفعل، بل توظفه أساسًــا ضمن منظومة هيمنتها العالمية وموقفها الدولي في مواجهة خصومها )؛ ما يصل حد معارضتها الشديدة لتوسط 29 ومنافسيها المحتملين على زعامة العالم( إيران تصدير الغاز التركماني إلى تركيا وأوروبا عبر أراضيها، رغم كونها أقصر الطرق وأقلها تكلفة؛ لرفضها سيطرة روسيا أو إيران على مصادر الطاقة في هذه الدول، حتى لــو كلف األمر، بنــاء خطوط أنابيب تتفادى المرور عبر هذه الدول، تحمل تكاليف .) 30 أعلى ومواجهة مخاطر أمنية أكبر( لهذا، فمن وجهة جيوكونوميكية طويلة األجل، تمثل أزمة الطاقة الحالية، في تقاطعها وتمظهرها مع حرب أوكرانيا وما شابهها من نزاعات ال تزال باردة أو كامنة، مظهرًا ونتيجــة لبروز مراكز صناعية جديدة تنافس على الموارد وقنوات مرورها وأســواق تداولهــا، ولمقاومة الغــرب، وفي قلبه الواليات المتحدة، لهــذا التحول التاريخي؛ بمــا يجــره من صراع على النفــوذ االقتصادي العالمي، كذا مظهر لتحســن المركز التفاوضي والثقل السياســي لمراكز توريد ومرور الطاقة، وبخاصة دول منظمة أوبك بلس. وأخيرًا، مناسبة إلثارة مسألة الريع اإلمبريالي الذي تحصله الواليات المتحدة بفضــل عالقــة البترودوالر القائمة على هيمنتها المتراجعة على منابع الطاقة العالمية وممراتها الدولية؛ وبالتالي الصراع الكالســيكي الطويل لبناء نظام نقدي عالمي أقل مركزية على األقل. ، " مُفارقة الهيمنة " ويأتي هذا الموقف متزايد التأزم ضمن سياق مستمر ليعمق تناقضات ) 1 ): إما ( 31 التي تعيشها الواليات المتحدة منذ حرب فيتنام، وهى التناقض ما بين( االنطواء داخليًّا على الذات إلعادة بناء القدرات المحلية؛ بما يعنيه من ضعف الهيمنة ) االستمرار في تعزيز الهيمنة األميركية 2 األميركية والغربية والرأسمالية عمومًا، أو ( عالميًّا؛ بما يستجلبه من ضعف القدرة التنافسية األميركية في مواجهة رؤوس األموال األخرى، وبخاصة ألمانيا واليابان والصين. وهذه المُفارقة آخذة في التفاقم مع تصاعد المُتطلبات السياسية والعسكرية للهيمنة، مقابل تراجع الوزن االقتصادي األميركي ضمن النظام العالمي، ومعهما تزايد األعباء
Made with FlippingBook Online newsletter