العدد 17 – فبراير/شباط 2023

97 |

مدعومــة لالســتثمارات األجنبية التــي تتم على أراض عربية؛ بمــا يرفع من القيمة المُضافة المُنتجة محليًّا وإقليميًّا، وينقل الخبرات والتكنولوجيا ورؤوس األموال إلى دول اإلقليــم؛ بمــا ينهض باقتصاداته وينوع صادراته ويطور صناعته خصوصًا؛ األمر الذي إن تم؛ فســيمثل بذاته انقالبًا اقتصاديًّا وجيوبوليتيكيًّا أكبر بكثير من أية حرب إقليمية، وعلى صعيد الطاقة وحدها، فلنتخيل لوهلة واحدة منطقة عربية مُصنِّعة يعيش % فقط من معروضها 10 بها أكثر من أربعمئة وثالثين مليون نســمة، تســتخدم ولو مــن الوقــود األحفوري؛ ومــا يمكن لذلك أن يرتبه من آثــار تراكمية طويلة األجل على معروضه الكلي وأســعاره النهائية على المســتوى الدولي؛ األمر الذي يفسر لنا جزئيًّا لم يمثل منع التصنيع وإدامة التأخر اإلنتاجي بالمنطقة العربية ضرورة اقتصادية وجيوبوليتيكية أخرى للهيمنة األميركية، لكن لهذا حديث آخر. خاتمة يعطينا هذا المسح الجيوتاريخي خلفية عامة عن المنطق الحاكم ألزمة الطاقة الحالية في تشــابكها مع الحرب األوكرانية، وكيف تجمعهما وحدة الســياق بما يتضمنه من صــراع عالمي، جوهره األساســي ومركز كافة تفاعالته هــو تراجع الغرب لحجمه الطبيعــي في النظــام العالمي، وما يتضمنه بالطبع، مــن مقاومته لذلك، بعد حوالي ثالثة قرون من التفوق الساحق الذي وصل حد امتالكه الكوكب كله تقريبًا، فيما هو يتحول اليوم لمجرد شريك أكبر تنخفض حصته من الموارد واإلنتاج والقوة باستمرار إلى حدودها الطبيعية؛ بما يستتبعه ذلك من تأزمات وصراعات طبيعية تتعلق بكيفية إعادة اقتسام تلك الموارد، وما ينتج عنها، من استهالك ومكانة في النظام الدولي. وهكذا فاإلطار العام لألزمة، على المستوى التاريخي األوسع، هو وجود اتجاه عام طبيعــي الرتفاع أســعار الطاقة مع زيادة الطلب ببروز قــوى صناعية جديدة، وعلى رأسها الصين والهند، وهو ما يطرح مسألة عدم استدامة أنماط استهالك الغرب من موارد الكوكب عمومًا؛ وحتمية انخفاضها؛ بما يجره ذلك من صراعات حتمية، في ضوء االســتحالة المُطلقة، في ضوء التكنولوجيات القائمة، للجمع بين مســتويات اســتهالكه الحالية والمســاعي المشروعة لشــعوب الدول المحرومة لرفع مستويات استهالكها لمستويات أكثر إنسانية، اللهم إال إذا أقررنا بحقه في منع تنميتهم بالعنف

Made with FlippingBook Online newsletter