العدد21

101 |

وفي ذات الســياق، بنت إسرائيل منذ تأسيســها إستراتيجية األمن مستندة إلى ركائز أساســية، هي: الردع، والتفوق االســتخباري، والحسم الســريع في أرض الخصم. وهذه اإلســتراتيجية صُمِمــت لمواجهة الجيوش العربية في صــراع ممتد، وبالفعل نجحت هذه اإلستراتيجية إلى حد كبير، فمنذ حرب النكسة، في يونيو/حزيران عام ، اعترفت الدول العربية بصعوبة التصدي 1973 ، وحرب أكتوبر/تشرين األول 1967 للقدرات العســكرية اإلسرائيلية المتفوقة كمًا ونوعًا، مما دفع بالتهديدات إلى أسفل منطقة النزاع. وعليه انخفض احتمال أن تشن دول عربية حربًا تقليدية ضد إسرائيل التي بدت واثقة ومغرورة بقوتها العسكرية التي عادة ما تصفها بأنه ال يمكن قهرها. في أعقاب اتفاقيات الس م مع مصر ثم األردن واتفاق أوســلو، وتدمير العراق في حربين كارثيتين لم تعد هناك تهديدات عربية تقلق اإلسرائيليين. لكن في الوقت ذاته ظهرت ضمن التهديدات حركات وتنظيمات المقاومة مثل حماس والجهاد اإلس مي في فلسطين، وحزب الله في لبنان. ولذلك؛ طرحت إسرائيل مفاهيم إجرائية جديدة التي تستند إلى " المعركة بين الحروب " ا عن ، فضاًل " جز العشب " ، و " كي الوعي " مثل فكرة القيام بإجراءات وتدابير استباقية بناء على معلومات استخبارية دقيقة بهدف ردع الخصــم مع إبقاء القتال دومًا على أرضه وتقليم أظافره دون الحاجة لخوض حرب واسعة. جز " وبنــاء عليــه، يكون من الضــروري تقليل قدرات حماس عســكريًا وفقًا لمبدأ ، أي عدم السماح لها بمراكمة القوة العسكرية، وفي حال قيام حماس بعملية " العشب عسكرية تعمل إسرائيل على إلحاق خسائر عسكرية باهظة بها لتمنعها من العود، وهذا ؛ األمر الذي يكفل لها أن تحصل على ما يلزم من " كي الوعي " ما تســميه إســرائيل تهدئة تمكِنها من إعادة توجيه الموارد نحو االزدهار االقتصادي والتوسع االستيطاني. ) والتي يقوم low intensity warfare أصبحــت الحروب ذات الكثافة المنخفضــة ( )، مثل حماس وحزب الله، الوسيلة Non state Actors بها فاعلون من غير الدول ( الرئيســية لمقاومة إســرائيل واحت لها. لذلك قامت بعض الدول مثل إيران بتحويل انتباهها إلى دعم هذه الجماعات بشــكل ســري أحيانًا وعلني أحيانًا أخرى، ألنها وجدت فيها آليات منخفضة التكلفة والمخاطر لمواصلة التصدي إلســرائيل دون أن تتحمل المسؤولية المباشرة وربما االنتقام اإلسرائيلي.

Made with FlippingBook Online newsletter