العدد21

187 |

مقدمة مــا فتئ المتتبعــون لحركية وديناميكية الع قات الدوليــة يؤكدون تضاعف التنافس والصراع على مناطق وأقاليم عديدة بالعالم. وتمثل القارة اإلفريقية أحد أكثر المناطق التــي تعرف تنامي نفوذ الــدول الكبرى، وذلك نظرًا لتعاظــم المصالح االقتصادية التجاريــة بالقارة؛ األمــر الذي دفع مختلف القوى والــدول اإلقليمية اإلفريقية إلى محاولة لعب أدوار أكثر فاعلية بالقارة، والجزائر ليســت بمنأى عن هذه التوجهات الجديدة، خاصة في ظل التغير في مضمون خطاب السياسة الخارجية للجزائر تجاه القارة اإلفريقية. تتميــز القارة اإلفريقية بثــراء هائل من حيث اإلمكانيات والثــروات الطبيعية، وكذا الطاقات والموارد البشرية الكبيرة؛ األمر الذي جعل منها محط أطماع وسياسات دول كبرى، بغية االستفادة قدر اإلمكان مما تتيحه السوق اإلفريقية من فرص ل سته ك والتسويق، وكذا ما توفره من مناخ مفتوح ل ستثمار األجنبي في قطاعات عدة مثل الطاقة والزراعة والمبادالت التجارية. والجزائــر باعتبارها أحــد أبرز الوحدات السياســية األفرو-عربيــة، تحظى بمكانة ودور بالغ األهمية بمحيطها اإلفريقي، وذلك لعدة اعتبارات وأســباب جيوسياســية، أيديولوجية واقتصادية، إال أن المتتبعين لمســار التأثير الجزائري منذ اســتق لها سنة ، يجد أن دورها بالقارة بقي محصورًا في كونها دولة تركز على الجانب الرمزي 1962 السياســي واألمنــي، بعيدًا عــن فاعلية اقتصادية واضحة المعالــم. فما مدى نجاعة التوجهات الجديدة للسياســة الخارجية الجزائرية تجاه القارة اإلفريقية باالنتقال من الدور الرمزي-األمني إلى تعزيز الفاعلية االقتصادية؟ تنقســم مجاالت الدراســة أو حدود المشــكلة البحثية إلى قسمين أساسيين، بحيث ينصرف القســم األول إلى الفترة الزمنية التي أعقبت مرحلة ما بعد الحراك الشــعبي ، وانتخاب الرئيس عبد المجيد تبون على رأس الدولة 2019 بالجزائر، أي بعد ســنة في الســنة نفســها، وهي الفترة التي شهدت تنامي خطاب ضرورة إعادة رسم معالم السياسة الخارجية الجزائرية تجاه إفريقيا اعتمادًا على المحدد االقتصادي. أما القسم الثانــي، فقد جرى التركيــز فيه على المجال المكاني، ورصد تحركات الجزائر على

Made with FlippingBook Online newsletter