العدد21

209 |

مقدمة يعد الفســاد من اآلفات التي تعانيها المجتمعات اإلفريقية، فما أفصحت عنه بعض وقائع قضايا الفســاد لعدد من المســؤولين األفارقة مدنيين وعسكريين في ع قاتهم )، يــدل على مدى تغلغل قيم 1 الداخليــة والخارجيــة خ ل العقود الث ثة األخيرة( الفساد وممارساته في كافة مناحي الحياة االقتصادية واالجتماعية والسياسية واإلدارية اإلفريقية. لذلك فالقضية التي باتت تشغل اهتمام المجتمع اإلفريقي هذه األيام، ليست بالتحديد وجود قدر ما من الفســاد في معام ته اليومية، بل مســتوى الفساد واتساع دائرته وتشابك حلقاته وترابط آلياته بدرجة كبيرة لم يسبق لها مثيل؛ األمر الذي يهدد مسيرة تنمية الشعوب اإلفريقية. إن المصادر المغذية للفساد بالقارة اإلفريقية متعددة، تجمع بين ما هو تاريخي وسياسي واقتصــادي ومالي واجتماعي، لذلــك أصبحت تداعياته تؤثر في جميع مناحي حياة شعوب القارة. سواء أكانت هذه التداعيات سياسية أم اقتصادية أم اجتماعية؛ فالفساد يقوض الثقة بالمؤسســات الحكومية، ومبدأ المســاواة أمام القانون ورفاهية اإلنسان بوجه عام، ويدعم االستفراد بممارسة السلطة، والتحكم في توزيع الموارد وفق منطق الزبونية والمحســوبية، من خ ل إعاقة السياســات التنموية والتأثير في بيئة األعمال الخارجية التي توجَه إلى أغراض أخرى بدل توجيهها " المساعدات " واالستثمارات، و للتنميــة، مما عمق من ظاهرتي الفقر والبطالة فــي المجتمعات اإلفريقية، خصوصًا بعــد توجه أغلــب األنظمة اإلفريقية بعد نهاية الحرب الباردة في إطار المشــروطية نحو تطبيق أفكار الليبرالية الجديدة المبنية على حرية " المســاعدات " الغربية لتلقي التجارة والتحول نحو اقتصاد السوق والخصخصة، وما يترتب على ذلك من تقليص لإلنفــاق الحكومي على القطاعات االجتماعية (التعليم والصحة)؛ األمر الذي كانت له تداعيات سلبية على مجمل حياة الشعوب اإلفريقية. تحاول هذه الدراســة تحليل وتوضيح الع قة بين الفســاد السياسي واألمن اإلنساني بدول إفريقيا جنوب الصحراء من خ ل الوقوف على أسبابه وتوضيح تداعياته على بعدما أصبح يشكل عقبة رئيسة تحول دون تحقيق التنمية األمن اإلنســاني لشــعوبها المســتدامة بالقارة اإلفريقية وبناء الدولة المســتقرة ذات المؤسســات الفاعلة؛ ألن

Made with FlippingBook Online newsletter