العدد21

| 210

تكلفته لم تعد تنحصر في تحويل الموارد عن مقاصدها األصلية، بل أصبحت تؤدي إلى تآكل النســيج االجتماعي وإضعاف سيادة القانون وتقويض الثقة في الحكومات ومؤسســاتها؛ مما أدى إلى تدهور نوعية حياة المواطنين وأرسى بيئة مواتية للجريمة المنظمة وازدهار اإلرهاب والتطرف العنيف. في ضوء هذه اإلشكالية، واعتمادًا على المنهج الوصفي التحليلي، سنحاول أن نبين أنه إذا كان ينظر إلى الفســاد السياســي اليوم باعتباره من المشــك ت التي تواجهها )، كونها تقوض الثقة بالمؤسســات الحكومية والمالية، والكفاءة 2 أغلب دول العالم( االقتصادية، ومبدأ المساواة أمام القانون ورفاهية اإلنسان بوجه عام، فإن هذه المسألة تبدو أكثر إلحاحًا في القارة اإلفريقية. فتصنيف أغلب البلدان اإلفريقية من بين الدول األكثر فسادًا في العالم، يؤكد وجود أوضاع سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية غير ســليمة، تغذي الفســاد فيها. إن األنظمة التي حكمت دول إفريقيا جنوب الصحراء بعد االستق ل، سواء أكانت عسكرية أم مدنية، عملت على تكريس الفساد، لضمان اســتمرارها في السلطة، من خ ل تلبية مطالب العسكر ومنحهم امتيازات، في إطار ع قة غامضة بين المؤسســة العســكرية والمدنية، وتســهي ت للشركات األجنبية، الســتنزاف ثروات بلدان المنطقة، وإفقار شــعوبها وحرمانها من العيش الكريم؛ مما يجعلها تعيش تحت ضغط أهم األســباب الرئيســة النعدام األمن اإلنســاني، وهي: الفقر والجوع وعدم المساواة والعنف والصراع، ما أدى إلى بروز حركات مسلحة، ووقوع انق بات عســكرية في بلدان إفريقية عدة أدت إلى ضرب اســتقرارها األمني والسياسي؛ ما يتسبب في موجات من النازحين وال جئين، وعدد كبير من الباحثين عن الهجرة غير النظامية نحو الضفة الشمالية للبحر األبيض المتوسط، وما ينتج عن ذلك من مآس. ا : الفساد السياسي واألمن اإلنساني: إطار نظري لتحديد المفاهيم أو ًل إذا كان مفهــوم الفســاد قد عرف تغيرات في معنــاه على مدار التاريخ، كما يختلف فإن مفهوم األمن اإلنســاني يعد من المفاهيم الحديثة في (أ)، من ثقافة إلى أخرى الع قات الدولية، خصوصًا في الدراسات األمنية الذي ارتبط بروزها بنهاية الحرب (ب). الباردة

Made with FlippingBook Online newsletter