العدد21

| 214

إال أن مــا يؤخــذ علــى هذا االتجاه في تعريف الفســاد، هــو صعوبة ضبط مفهوم الوظيفة العامة، ومعنى المنفعة الخاصة بدقة، مع العلم أن القوانين قد تكون شــاملة )، وقد ال تتمتع بالكثير من الشرعية (أو قد تكتب من قبل المسؤولين 18 ومتناقضة( ). ومن االنتقادات المســتعصية على الحل التي ســتظل تُوجَه 19 لحماية أنفســهم)( لهــذا االتجــاه؛ معرفة مكان رســم الخط الفاصــل بين الحيــاة الخاصة لصاحب المنصــب والمعاييــر المعتمدة في تقييم دوافعــه أو تصرفاته، وهذا أمر صعب على وجــه الخصوص في حالة السياســيين الذين تعد حياتهــم االجتماعية خاصة وعامة ). كما أن مصطلح الســلوك يضــم ليس أي عمل غير قانوني في أداء 20 بالضــرورة( مهــام الوظيفة العامة فحســب، ولكن أيضًا عدم القيــام بعمل من المفترض إنجازه. وعليه، فإن الفســاد من الناحية الواقعية يشــمل محاوالت إغراء واستمالة الموظف .) 21 العام بعدم تطبيق قوانين أو تنظيمات معينة( وهو يقوم أساسًا على رؤية الفعل السياسي الرأي العام أخيرًا، التعريف الذي يستند إلى ). غير أن 22 الفاسد من زاوية إدراك الناس له، فالتصرف الفاسد هو ما يعدونه كذلك( مفهوم الرأي العام شأنه شأن المصلحة العامة تواجهه مجموعة من الصعوبات فهو ال يعبِر عن وحدة واحدة، وإنما هو عبارة عن آراء متصارعة، ومتغير عبر الزمان، ومن ثم فإن ما يُنظر إليه اليوم على أنه عمل فاســد قد يُنظر إليه في المســتقبل على أنه ). كما يمكن أن يكون الرأي العام موجَهًا ومسيطَرًا عليه من 23 عمل مشروع وقانوني( آخرين، مثل الحكومات واإلع م والشائعات واالنطباعات اللحظية، ما يثير تساؤالت .) 24 جدية بشأن درجة الموثوقية في ما تؤشر أو ال تؤشر إليه بوصلة الرأي العام( إجماًلا، إن االنتقاد الذي يمكن أن يوجَه إلى كل التعريفات المشهورة للفساد بصفة عامة، والفســاد السياســي بصفة خاصة هو أنها تأخذ في تعريفها للفســاد مصطلح الموظف العمومي منطلقًا أساسيًا في هذه العملية؛ مما يوحي بأن الظاهرة محصورة فــي القطــاع العمومي، ويمكن التخلص منها عن طريــق خوصصة وظائف الدولة، وتحجيم دور القطاع العمومي في الحياة العامة، أي إنه لكي تكون سياسات مكافحة .) 25 الفســاد فعالة، يجب أن تدعم إضفاء الطابع الليبرالي على السياسة واالقتصاد( وكأن هذه التعريفات جاءت خدمة لتوجهات المؤسســات الدولية المالية (صندوق النقــد الدولــي والبنك الدولي المرتكزة على توافق واشــنطن)، التي تنظر للفســاد

Made with FlippingBook Online newsletter