العدد21

| 230

خــاتـمـة أن مفهوم الفساد السياسي أو ًل ا : إلى نتيجتين رئيســيتين: بناء على ما ســبق، نخلص الذي تطور في الســياق الحضاري الغربي الذي هيمن عليه مؤخرًا الخطاب الداعي إلى تطبيق أفكار الليبرالية الجديدة بعد نهاية الحرب الباردة، غير م ئم لدراسة الفساد واإلحاطة بجميع جوانبه في دول إفريقيا جنوب الصحراء؛ ألن ســياق نشــأة وتطور الدولة فيها مختلف تمامًا عن نشأتها وتطورها في السياق الغربي. فإذا كانت الدول الغربية تغلبت على االنقسامات العرقية واإلثنية بتشكيل هوية جامعة لها بتبني أنظمة سياســية تعتمد التناوب على الســلطة من خ ل االنتخابات مرتكزًا لها، وأن الفعل السياسي يكون عبر األطر الرسمية (األحزاب، النقابات، هيئات المجتمع المدني بصفة عامــة)، فإن الدولة في القارة اإلفريقية ال تزال تعاني مجموعة من التحديات تعرقل تطورها التاريخي نتيجة اســتمرار منازعتها من طــرف العديد من الكيانات الموازية (اإلثنية والعرقية والحركات المســلحة)، الناتجة عن مخلفات التقســيم االستعماري للقــارة اإلفريقيــة، والتي تتدخل في الغالب القوى الخارجيــة حاليًا إلذكائها خدمة لمصالحها القومية، مســتغلة التحديات االقتصادية واالجتماعية التي تعانيها شــعوب القارة اإلفريقية؛ ما يؤدي إلى هيمنة الفعل السياســي خارج األطر الرســمية بالقارة اإلفريقية؛ الشــيء الذي يستوجب إعادة النظر في مفهوم الفساد السياسي الستيعاب هذا المعطى، الذي ال توليه اهتمامًا وجهة النظر الغربية للفساد، ومن شأنه أن يكون منطلقًا لتكوين نظرة عامة عن مناطق تغلغل الفســاد السياســي في الدول اإلفريقية، لبلورة خطاب إفريقي خاص لمواجهة ومحاربة الفســاد السياســي، يتجاوز توجهات الدول الغربية وإم ءات مؤسســاتها المالية، التي تجعل محاربة الفســاد رهينة بمزيد من التوجه نحو خوصصة الخدمات العامة وبيع أصول الدولة للقطاع الخاص. أنه بقدر مــا تعرفه دول إفريقيا جنوب الصحراء من اســتمرار لهدر مواردها ي ـ ًا: � ثان وثرواتها نتيجة استشــراء الفساد السياسي في مفاصل السلطة السياسية الحاكمة، من خ ل التحالف بين النخب المحلية الفاسدة (المدنية والعسكرية واالقتصادية) الطامحة دائمًا للبقاء في السلطة لضمان استمرارها في االستفادة من االمتيازات التي تخولها لها، والقوى الخارجية التي يهيمن عليها الجشع للربح، بقدر ما تعيش شعوبها تحت ضغط غياب متطلبات األمن اإلنساني لضمان العيش الكريم، الشيء الذي يؤدي إلى

Made with FlippingBook Online newsletter