العدد 14 – مايو / آيار .2022

111 |

تحالفات أو زيادة تســلحها، فإن ذلك يؤدي إلى انزعاج وتحســس الدولة (ب) من هــذه الخطوة التي تعتبرهــا تهديدًا لها، ما يجعلها تتصرف بنفس النهج؛ الأمر الذي يؤدي لتعميق الشــكوك، وينتهي الأمر بافتقاد الأمن بالنســبة لكلتا الدولتين. من هذا المنطلق يمكن تقديم تفســير منطقي لرغبة دول أوروبا الشــرقية في الانضمام إلى حلف الناتو، نظرًا لمخاوفها طويلة المدى بشأن روسيا، ومن ثم يُتَفهّم سبب اعتبار القادة الروس لهذا التطور أمرًا مقلقًا. . إن رؤيــة الأحــداث في أوكرانيا من منظور الواقعية لا تعني تأييد أفعال روســيا 3 فــي أوكرانيــا، فالواقعية لا تدعو إلى الحرب خيارًا وحيــدًا أو مرغوبًا فيه، بل ترى أن اللجوء إليها شــر لابد منه بحكم قانون الصراع الموضوعي الذي يحكم ويضبط ســلوكيات الــدول. وهو ما يعني الاعتراف موضوعيّا بما يقــع في أوكرانيا باعتباره ســلوكًا متكررًا في الشــؤون الدولية بالرغم من تداعياته السلبية. وإذا كان الواقعيون قد أدانوا الطبيعة المأســاوية للسياســة العالمية، فإنهم حذّروا من أنه لا يمكن إغفال المخاطر التي يبرزها المنظور الواقعي، بما في ذلك المخاطر التي تنشأ عندما تهدد ما تعتبره دولة أخرى مصلحة حيوية. . إن الليبرالية عجزت، كأحد منظورات العلاقات الدولية، عن تقديم تفسيرات لما 4 يحدث في أوكرانيا؛ فقد أثبت القانون الدولي والمؤسسات الدولية أنها تشكّل حاجزًا ضعيفًا وعاجزًا أمام ممارسات وطموحات القوى العظمى. كما أن الترابط الاقتصادي وفلسفة الاعتماد المتبادل لم تمنع موسكو من شنّ غزوها على أوكرانيا، على الرغم من التكاليف الباهظة التي ســتتكبدها نتيجة لذلك. ولم تســتطع القوة الناعمة إيقاف الدبابات الروســية، كما أن أصوات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي أدانت الغزو عن التصويت) لم يكن لها تأثير كبير على مسار الصراع، 35 مع امتناع 5 مقابل 141 ( وتأكدت مقولات الواقعية القائمة على القوة كأساس للعلاقات الدولية. . ولئن كان الواقعيون يقلّلون من أهمية دور المعايير والقواعد القانونية كقيود قوية 5 على سلوك القوى العظمى، فإن وجودها لعب دورًا مهمّا في تفسير الاستجابة العالمية للغزو الروسي لأوكرانيا، وكانت ركيزة استندت إليها الدول والشركات والأفراد في معظم أنحاء العالم في إصدار الأحكام وفرض العقوبات ضد روسيا، معتبرين سلوكها .) 10 خرقًا واضحًا وانتهاكًا للمعايير العالمية، وتهديدًا للأمن والسلم الدوليين(

Made with FlippingBook Online newsletter