العدد 14 – مايو / آيار .2022

125 |

في المستقبل المنظور: نظام دولي هزيل ونظامان محدودان قويان، أحدهما يُقاد من طرف الصين، والآخر يُقاد من طرف الولايات المتحدة. وسوف يكون النظام الدولي الهزيل مهتمًا أساسًــا بالإشــراف على اتفاقيات الحد من التســلح وجعل الاقتصاد العالمــي يعمــل بفعالية، ويمنح اهتمامًا جديّا بمشــكلات متعلّقــة بالتغيُر المناخي، وسوف تركّز المؤسسات التي تشكّل النظام الدولي بتسهيل التعاون البيني بين الدول. وســوف يكون هناك ملمحان أساســيان للعالم الجديد متعدّد الأقطاب يشكّلان على نحو عميق الأنظمة الصاعدة: - الملمح الأول: أنه بافتراض استمرار الصين في صعودها، فإنها ستنخرط في منافسة أمنية شــديدة مع الولايات المتحدة، وســيكون ذلك بمنزلة السمة المركزية للسياسة الدولية على مدار القرن الحادي والعشــرين، وســيقود هذا التنافس إلى خلق أنظمة محــدودة يُهيمَــن عليها من طرف الصين والولايات المتحدة. وســتكون التحالفات العسكرية المركّب المركزي لهذين النظامين، وهما الآن بصدد التشكّل وسيشبه ذلك النظامين اللذين قادهما الاتحاد الســوفيتي والولايات المتحدة خلال مرحلة الحرب البــاردة. إلا أن الصيــن والولايات المتحدة ســوف يكون لهمــا في بعض الأحيان أســباب تدفعهما للتعاون في مســائل عســكرية بعينها، وهو مســعى سوف يقع في نطاق اختصاص النظام الدولي، كما كان من قبل أثناء الحرب الباردة؛ حيث سيكون التركيز بالدرجة الأولى على اتفاقيات الحد من الأسلحة، وستنخرط روسيا في هذا المســعى كما ستفعل الصين والولايات المتحدة. ومن المرجّح أن تظل المعاهدات والاتفاقيات الموجودة التي تتعامل مع مســألة الانتشار النووي في مكانها، نظرًا لأن كل القوى العظمى الثلاث تريد الحد من انتشار الأسلحة النووية. لكن سيكون على الأطراف الثلاثة التفاوض على معاهدات جديدة تحد من ترسانتهما العسكرية، مثلما فعلت القوتان العظميان أثناء الحرب الباردة. - الملمــح الثاني: وجود قدر ضخم من التواصل الاقتصادي بين الصين والولايات المتحــدة، وبين الصين وحلفاء الولايات المتحدة في شــرق آســيا، كما أن الصين والولايات المتحدة أيضًا تُتاجران وتستثمران عبر كل أنحاء العالم. وليس من المرجّح أن تُقلّــص المنافســة الأمنية بيــن النظامين المحدودين هــذه التدفقات الاقتصادية، فالمكاســب المتأتية من التجارة المستمرة مهمة ومطلوبة، حتى لو حاولت الولايات المتحــدة الحــد من تجارتها مع الصين، فبإمكان الأخيرة أن تُعوّض ذلك من خلال تجارتها مع الشركاء الآخرين.

Made with FlippingBook Online newsletter