| 126
لذلك، ذهب ميرشــايمر إلى القول: إنه من المرجّح أن يشــبه المســتقبل الوضع في أوروبا قبل الحرب العالمية الأولى؛ حيث كان هناك تنافس أمني شديد بين الحلف الثلاثي (النمســا-المجر وألمانيا وإيطاليا) والوفاق الثلاثي (بريطانيا العظمى وفرنسا وروســيا)، لكن كان هناك قدر هائل من التفاعل الاقتصادي بين هذه البلدان بشــكل عام. والنتيجــة النهائيــة أن التنافــس بين النظاميــن المحدودين اللذيــن تقودهما الصين والولايات المتحدة، ســوف يُورّط كليهما في منافسة اقتصادية وعسكرية تامة، مثلما كانت الحال مع النظامين المحدودين اللذيْن هيمنت عليهما موسكو وواشنطن أثناء الحــرب الباردة. ويكمــن الاختلاف الكبير هنا في أن النظام الدولي ســوف يكون منخرطًــا بعمــق في إدارة جوانب التنافس في الاقتصاد العالمي، وهو الأمر الذي لم .) 40 يكن موجودًا أثناء الحرب الباردة( ا: الحرب الروسية-الأوك ارنية ومستقبل المؤسسية الدولية ً ثالث كشف الغزو الروسي لأوكرانيا عن العديد من نقاط الضعف في النظام الدولي القائم، وخاصــة في مجلــس الأمن التابع للأمم المتحدة ودوره في الإشــراف على النظام الدولــي القائــم؛ حيث أظهرت الأزمة الأوكرانية أن حق النقض للأعضاء الخمســة الدائمين في مجلس الأمن يمثّل عائقًا كبيرًا أمام السلام، وكان منذ البداية عقبة رئيسية أمام استكمال الهيئة لمهمتها. وذلك راجع لكون الدول الخمس غالبًا ما تنقسم إلى كتل جيوسياســية متنافســة، فيمارس عضو في كتلة واحدة حق النقض (الفيتو) على العديد من القرارات الحاســمة. ففي ســياق الصراع الحالي في أوكرانيا، يعني حق النقض الروســي في مجلس الأمن أن الولايات المتحدة وحلفاءها لا يمكنهم فرض . صحيح أن كُبر عدد البلدان وانتشــار نظام " تحالف الراغبين " عقوبات إلا من خلال المدفوعات القائم على الدولار خارج الحدود الإقليمية لأميركا يمنح العقوبات التي تفرضهــا الولايــات المتحدة نفوذًا هائ ً. ومع ذلك، في هذه الحالة كما في حالات أخرى، سيزيد نظام العقوبات العالمية الذي يفرضه مجلس الأمن من تقويض الاقتصاد الخاضع للعقوبات. ومــن جانــب آخر، إذا كان مجلس الأمن يقع في قلب النظام متعدد الأطراف اليوم، فإنــه يواجــه تحديات حقيقية، بالنظر إلى النطاق المتزايــد للتهديدات التي يواجهها
Made with FlippingBook Online newsletter